الرئيسةمركزي

“القومي” في ذكرى استشهاد الزعيم المؤسّس: دماء سعاده أزهرت مسيرة نضال وتضحيات وفداء لعزّ الأمة

الثامن من تموز هو عيد الشهداء ومنه نأخذ زاد الصراع وبفدائه نمضي نحو النصر الذي ليس منه مناص

بمناسبة الثامن من تموز ذكرى استشهاد باعث النهضة أنطون سعاده، أصدر عميد الإذاعة في الحزب السوري القومي الاجتماعي مأمون ملاعب بياناً جاء فيه:

في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وحين كانت الأمة غارقة في ليل الاحتلال العثماني، فاقدة الشخصية القومية والاجتماعية، تسرّب الأوروبيون بأطماعهم الاستعمارية، عبر التصدّعات الاجتماعية التي أوجدها ذلك الاحتلال، وتلقائياً وسّع هذا الدخول التصدّعات .

خلال الحرب العالمية الأولى بنى الأوروبيون مشروعهم وأعّدوا خططهم لما بعد الحرب فجزأوا أمتنا إلى كيانات وهويّات مذهبية وسلطات تابعة بهدف استعمار سورية وإلغاء هويّتنا وشخصيّتنا الاجتماعية واستبدالها بشخصيات تؤدّي الى التشقق والتنافر، يترافق ذلك مع زرع الكيان اليهودي .

الأطماع الأوروبية ليست جديدة، فهي باقية في وجدانهم منذ اندحارهم في القرون الغابرة، وهم بعد الحرب في أوْج قوّتهم فاستفاقت الأطماع… أما الجديد فهو الوسائل والخطط التي مارسوها وما زالت مفاعيلها قائمة حتى اليوم.

لقد أدرك أنطون سعاده حجم المؤامرة ورأى المستقبل الأسود المعدّ لأمتنا. فتحوّل بشخصه الى ضمير الأمة جمعاء، إذ أوقف نفسه على قضيتها. كان مدركاً حجم المخاطر فلم يهب ولم يتردّد. قرن العمل مع القول والإيمان، ما أوقفه السجن ولا التهديد ولا محاولات منعه من العودة الى الوطن. سار في درب استنهاض الأمة فاتحاً صدره محبةً لشعبه وتحدّياً للأعداء يواجه سيوفهم ورماحهم حتى تلقى بصدره الرصاص فقال “شكراً”… كلمة شقت الفجر لشمس لم تشرق بعد .

ظهر الحزب السوري القومي الاجتماعي في مرحلة حسّاسة حين كان المستعمر يبني مشروعه الذي أقلقهم فبادروا إلى قطع الطريق عليه بمحاكمة سعاده وسجنه فلم يفلحوا، ذهبوا الى التآمر عليه مراراً وصولاً إلى المؤامرة الكبيرة بين الغرب والعديد من كياناتنا فقدّموا إلى العالم جريمتهم الشنيعة بالإعدام، أما سعاده فقدّم أمثولة في الفداء والعطاء.

إنّ القومية الاجتماعية بحدّ ذاتها ثورة فكرية ثقافية قامت لتحلّ المعرفة بالهويّة والقضيّة مكان الجهل ولتلغي القيم المفككة من مذهبية وطائفية وعنصرية وتقيم القيمة الجامعة الإنسان الجديد، انها ثورة تقضي على التفسّخ الروحي في روحيّة جديدة في دين ينطلق من الأرض إلى السماء مؤازرة بحركة نضالية عسكرية تلعب دوراً في صدّ ومقاومة الأعداء وتسعى لتأمين مصلحة الشعب السوري.

منذ قيام الكيانات كانت كلّ سلطاتها تؤمّن مصالح الخارج واستمرّ معظمها بذلك حتى اليوم. التغيير هو انّ الأميركي ورث الأوروبيين في مشروعهم ودعمهم للعدو الصهيوني وحافظ بل أذكى أساليبهم في محاولة تقسيم وتفتيت الكيانات القائمة.

انّ ما يجنيه الشعب في لبنان اليوم من غياب لمؤسسات الدولة، الضعيفة، من ذلّ للناس في كلّ مرافق الحياة، ومن فقر مدقع وبطالة ومن اقتصاد منهار ومافيات تتحكم برقاب البشر الى انعدام رؤية وقلق من الغد، شعب يعيش بين مطرقة المؤامرة الخارجية وسندان النظام المحلّي وأدواته وكلّ الحلول الجزئية او الجانبية المطروحة غير قابلة للتنفيذ وانْ نفذت تبقى مؤقتة، وليس صدفة انتقال هذا النظام إلى العراق ومحاولة نقله إلى الشام…

أما الشام وفي مرحلة ما بعد الاستقلال مرت سنوات مضنية من عدم الاستقرار والضعف إلى أن اختارت ان تكون في وجه مؤامرة الأعداء وان تلعب دور الكيان الحامي لمصالح الأمة ككلّ… فقاومت وحاربت ودعمت المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق فكانت بمثابة الظهير لها كلها، وكانت بالمرصاد لما يُحاك لشعبنا من أزمات وويلات رغم المخاطر فنالت نصيباً كبيراً من الجراح والألم وحوصرت وأفقرت وظلم أهلها وما زالوا. الشام قوية وصامدة بخياراتها وعدم الرضوخ للقرارات الأميركية. تواجه الحصار ولا تلين… قوة الشام تنعكس إيجابياً على كلّ الكيانات الأخرى وضعفها ينقلب عليهم أزمات، قوة كلّ الكيانات بالتكامل مع بعضها البعض .

حرب فلسطين منذ أيام، خطوة تبرز قوة مقاومتها، خطوة تبرهن القول: انّ فيكم قوة لو فعلت لغيّرت وجه التاريخ. هذه الحرب وضعت حداً لادّعاءات أنظمة العجز والاستسلام والمهرولين للتطبيع بحجج براغماتية واهية، وأكدت ضمناً أنّ العلاقة مع اليهود لا تكون إلّا علاقة الحديد بالحديد والنار بالنار…

أيها السوريون القوميون الاجتماعيون :

انّ كلّ الأحداث في المنطقة خاصة تلك بين الكيانات والاستعمار الأميركي – الأوروبي، أو بين شعبنا والعدو اليهودي، وبالأخص بين الشام والعراق من جهة وتركيا من جهة أخرى، كلّ تلك تؤكد الحاجة الى فكر سعاده الذي يقدّم لشعبنا الحلّ والخلاص. وانّ كلّ الأزمات الداخلية في كلّ الكيانات لن تجد طريقاً الى الاندثار إلا باعتماد فكر سعاده. وما التنكّر لهذا الفكر إلّا استمراراً بالعبثية ومكابرة بالفشل.

أيها الرفقاء… انّ لحزبكم دوراً كبيراً يجب ان لا يغيب عنه، حزباً مقاوماً في لبنان والى جانب الجيش في الشام. والى جانب دوره العسكري له دور ريادي في الثقافة والفكر لا بل في شتّى مجالات الحياة ووحدة الحزب نقطة ارتكازية في دوره ضمن المجتمع .

ما زلنا نحيا وهج الدم . أنا أموت أمّا حزبي فباق. أين نحن من هذا القول؟ أبناء عقيدتي سينتقمون لي، والانتقام في المفهوم الراقي عند سعاده هو انتصار عقيدته وانتقال سورية إلى النهضة .

في الثامن من تموز 1949 استشهد أنطون سعاده ولكن دماءه أزهرت مسيرة نضال وتضحيات وفداء لعز الأمة، الثامن من تموز هو عيد الشهداء ومنه نأخذ زاد الصراع وبفدائه نمضي نحو النصر الذي ليس منه مناص.

07/07/2021                                                  عمدة الإعلام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى