في ذكرى مولد سعاده: التحديات المصيرية المفروضة على الأمة السورية ترسّخ حضوره وتعزّز راهنية عقيدته ودعوته
أصدرت عميدة الإذاعة في الحزب السوري القومي الإجتماعي داليدا المولى بياناً بمناسبة الأول من آذار عيد مولد مؤسس الحزب أنطون سعاده جاء فيه: يعود بنا الأول من آذار كل عام إلى أنطون سعاده، مؤسس وزعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي، الرجل الفذ بحضوره وعمله، القدوة المتقد بعبقريته، المقاتل المتسلح دائماً بعقيدته، الزعيم العادل والمقاتل في سبيل كل رفيق من رفقائه، المتواضع باتساع معرفته، المناضل من أجل حياة سورية والواقف حياته على انتصار حقيقتها ولا شيء دون حياة سورية وعزّها قد يغريه أو قد يكون ملاذاً له في الفكر والعمل والنضال والمصلحة والعقيدة. لأجل سورية الأمة والوطن كان صراعه ولأجلها كانت حياته واستشهاده.
ميلاد الزعيم يحمل معه لقلوب القوميين الاجتماعيين حضوراً فياضاً من أخلاق سعاده، من القيم الموغلة في النهضة، وتعاليمها ومثلها المغروسة في نفوس المدركين لحقيقة عقيدتهم وفكرهم ودعوة زعيمهم، فلا تؤتى ثمارها لضعاف النفوس مهما حاولوا، تُخلفهم وراءها وتزداد صلابة كلما هتف هاتفٌ بحياة سورية، فهي العلامة الفارقة في سيرة سعاده ومسيرة حزبه.
أيقن حتمية الصراع
سعاده المُقتدر بفكره وحزبه، أيقن حتمية الصراع في معترك العقائد ولا مساومة في نزال سيحدّد مصير الأمة السورية ولا تنازل عن حقوقها. هذا الصراع ابتدأ لحظة إعلانه مفهومه العقدي للاجتماع ورؤيته الواقعية المؤسسة على العلوم والمعارف للأمة ووضع مشروعاً حقيقياً لخروجها من التبلبل والتفسخ، بما يحمله من مبادئ واستهدافات تنتصر لمصالح الأمة والشعب السوري على الإرادات الفئوية والخصوصية والانشقاقية والانعزالية في الداخل وتضع حدّاً للإرادات الأجنبية وارتباط أصحاب المشاريع الفردية بها.
إنّ الصراع كان عنواناً لحياة سعاده ونهجاً سار عليه هو وحزبه، فلا حياة وعزّ دون صراع، وكلما بلغنا قمة صارعنا لبلوغ قمة أخرى تٌحقق أماني الشعب السوري في الانعتاق من استغلال السياسات التقسيمية والانتصار على الرجعة لضمان مستقبل أجود في كنف أمة قوية يمكنها المحافظة على شعبها وأرضها والوصول بالمجتمع السوري الى فلاحه وانتصاره على أعدائه».
ولفت البيان إلى «أنّ التحديات المصيرية المفروضة على الأمة السورية في حروب تدميرية للإنسان والعمران تستعر على جبهاتها، ترسّخ بما لا يقبل الشك، حضور سعاده وتعزّز راهنية عقيدته ودعوته. خطط التقسيم الدائرة في الداخل وفقد الهوية الجامعة لأبناء الأمة السورية ومحاولات إضعاف عوامل تفاعلها وتوحيد قواها، كلها أسباب ما زالت تعيق ترابط المصالح القومية وتضعف الأمة تجاه العالم. وفي المقلب الآخر تتفاقم فوضى المطامع الأجنبية في أجزاء كبيرة من الوطن السوري، وفلسطين تشتد حاجتها إلى قوة الأمة وفعل إرادتها».
وحدة سورية ضمان نجاتها
وأكد «أنّ سورية اليوم هي في حالة قتال في سبيل الحفاظ على نفسها ومنع الأطماع اللاهثة خلفها من كلّ حدب وصوب والأخطار المحدقة بها لمنعها من الوصول إلى مآربها. ونحن لا نرى إمكانية ضمان نجاتها إلا بوحدتها. من هنا يأتي الدور الطبيعي للقوميين الاجتماعيين أن يعملوا في سبيل وحدة بلادهم وأمتهم، ويسعوا إلى تعزيز التفاعل بين جميع أبناء الأمة وكياناتها لرفع مستوى عوامل وحدة الحياة ففيها وجودها وارتقائها».
وتابع: «في هذا الدور، مثّل القوميون الاجتماعيون وما زالوا العامل الأساس في التأكيد على وحدة الأمة السورية وأهمية هذه الوحدة الاجتماعية والسياسية فكانوا النموذج الأبهى لقدرة السياق اللاطائفي واللامذهبي واللاعرقي على خلق هوية تحصن روحية المجتمع وتضمن حاضره ومستقبله، وقد أكدت معركة القضاء على الإرهاب في الشام والعراق ولبنان ارتباط الأرض والشعب وأن في تماسكهما وتوحدهما السبيل الوحيد للحياة، واستطاعت وحدة الشعب والقوى المقاومة على امتداد الأمة إنجاز ما لم تستطع أن تحققه شعوب ودول في مواجهة الإرهاب وهو انتصار حققته اليوم سورية لصالح الإنسانية جمعاء».
ولفت إلى أنّ «هذه الصورة الواضحة في رؤية الحزب السوري القومي الاجتماعي وفي عقيدته التي يعمل لها بكامل حضوره على امتداد الأمة السورية والوطن السوري في القرى والبلدات والمدن ويعبّر القوميون الاجتماعيون في كل مفصل عن إيمانهم بانتصار أمتهم وقضيتهم، ويصارعون في سبيل مجد بلادهم وقد بذلوا خلال تاريخهم التضحيات الجسام وكانوا دائماً مناضلين بالفكر والكلمة والعمل والجهد والسلاح، وأضاء مسيرتهم آلاف الشهداء، وفي جعبتهم المزيد من العمل والعطاء في سبيل سورية».
لإعلاء مصلحة المجتمع
وأشار البيان إلى التحديات التي تزداد اليوم «في الداخل وأمامها تزداد الحاجة إلى العمل المضني والعطاء المقرون بالواجب في سبيل الخير العام. من العراق الذي يتهيأ للخروج من مستنقع تعطيل مؤسسة الدولة وآلياتها والبدء بالتأسيس لمرحلة جديدة من تاريخه والمدعو للسير بخطى حثيثة لتمتين بناه الاجتماعية بعيداً عن التناحر المذهبي والطائفي وصولاً إلى رحاب الدولة والمؤسسات وتأمين مصالح المواطنين. وفي الشام حيث تضع الحرب أثقالها والمعركة الحقيقية قد بدأت تواً، لدرء الأطماع الخارجية فما لم يحققه العدوان الأطلسي وفي مقدمتهم تركيا والولايات المتحدة الأميركية والدولة اليهودية في الحرب لن تحققه في السلم. من هنا فإنّ الصراع اليوم لبناء الإنسان المؤمن بوحدة المجتمع القادر على تحصين الدولة وتثبيت سيادتها خارج أية اصطفافات قد تتيح للفساد أرضاً خصبة تعيق الإصلاح الاداري والسياسي والمؤسساتي. ولا بدّ من الدفع باتجاه تعزيز مكامن القوة الروحية والمادية في الأمة لإعلاء مصلحة المجتمع فوق كل مصلحة، وصيانة الوطن والوفاء للشهداء ولكل التضحيات عبر صيانة مؤسسات الدولة ومفاهيم نشوئها ضمن رؤية سيادية تدفع باتجاه الوحدة القومية».
سنبقى ضدّ هدر المال العام في لبنان
وفي الشأن اللبناني، لفت الحزب إلى أنه «وبعد التراجع الخطير في بناه الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، انخرط القوميون الاجتماعيون ولا يزالون في معركة ضدّ فساد الإدارات مع المطالبة بحقوق المواطنين في الحياة والعز والكرامة بالتوازي مع حماية المقاومة التي هم في صلبها. ولا ريب أن توجه الحزب سيكون دائماً ضد هدر المال العام، ومع محاسبة أرباب الفساد والإقطاعات الرأسمالية المتحكمة بمصير المواطنين والعمل على تأمين الخدمات الأساسية لهم والدفع باتجاه تعزيز مفهوم الدولة الراعية والاقتصاد الإنتاجي وتمكين التعليم الرسمي والمحافظة على البيئة ومعالجة جملة ملفات مطلبية بات لزاماً إيجاد حلول لها، وهذا يتطلب أيضاً السير باتجاه عنوان أساسي من مبادئ الحزب الإصلاحية وهو فصل الدين عن الدولة وإزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب».
صفقات الاستعمار لن تمرّ
وحول المسألة الفلسطينية، شّد البيان على أنه «ومع كلّ الصفقات التي تحاك حولها وتحاول دول الاستعمار المقنع بالديمقراطية تمريرها على حساب شعبنا السوري كله، وحق الأمة السورية في تقرير مصيرها، فإنّ هذه المشاريع لا يمكن أن تمر طالما في سورية من يطالب بالأرض والحق القومي ويقارع اليهود وأحلافهم برؤية واضحة تثبت أن الحق ليس حقاً في معترك الأمم إلا بما يدعمه من قوة».
وأكد «أنّ القوميين الاجتماعيين اليوم يمثلون الحالة المتمايزة في المجتمع، هم اللاطائفيون بحقّ والوحدويون بحق وهم حقيقة الأمة السورية بوجه وهم التقسيم والتسويات والنقطة المفصلية في تاريخها وهذا ما أراده أنطون سعاده، وهذا ما أقسمنا عليه اليمين بحقيقتنا وشرفنا ومعتقدنا وكلنا إيمان بأنّ حياة سورية هي في توحدها وانتصار إرادتها في الارتقاء والنهوض بالمجتمع. وعلى هذا أقسمنا وسنبقى على عهدنا».
وختم البيان: «في الأول من آذار نؤكد على عهدنا في درب الصراع لتحقيق مصالح أمتنا وعلى حفظ المبادئ القومية الاجتماعية وصون المؤسسة الحاملة لها، الحزب السوري القومي الاجتماعي، هذه المؤسسة الحاملة للذاكرة النضالية لآلاف التضحيات والشهداء ومسيرة العزّ التي بها نحيا ولنا من مؤسسها سعاده قدوة بأنّ الحياة كلها وقفة عزّ فقط».