العام الماضي شنّ الجيش السوري عملية واسعة النطاق، ونجح في طرد المجموعات الإرهابية من منطقة الغوطة والمناطق الجنوبية. وفي حين رضخ آلاف الإرهابيين لشروط الدولة السورية، وغادروا المنطقة بعد هزيمتهم، فإن عناصر “الخوذ البيضاء” تقهقروا إلى داخل الأراضي الواقعة تحت الاحتلال الصهيوني، فاحتضنهم العدو الصهيوني وقام بتأمينهم ونقلهم الى عدد من الدول.
لقد تكشف الكثير من الحقائق حول ما قام به عناصر “الخود البيضاء” من جرائم بحق الإنسانية، حيث كانوا يسمّمون الأطفال ويصوّرونهم كضحايا قصف كيماوي مزعوم، ويرتكبون الجرائم بحق السوريين لاتهام الجيش السوري.
ما هو مؤكد أن دور “الخوذ البيضاء” في سورية لم يكن إنسانياً على الإطلاق كما صوّرته أميركا وحلفاؤها الإقليميون والعرب، بل أنيطت بهذه المنظمة الإرهابية، ممارسة الإرهاب بأخطر أشكاله.
والسؤال هل انتهى دور هذه المنظمة الإرهابية بعد هزيمتها في سورية؟
الجواب في مقال بعنوان: “قبعات مخلوعة”، كتبه فلاديمير غازيتوف وفاديم خومينكو، في “كوريير” للصناعات العسكرية، يتحدث عن اتجار “الخوذ البيضاء” بالأعضاء البشرية، وجعلهم أبطالا من قبل الغرب.
وجاء في المقال: بدأت “الثورات الملونة”، التي أعدّها خبراء التكنولوجيا السياسيون الغربيون كوسيلة عالمية لإسقاط الحكومات، تفسح المجال أمام تطورات أكثر دقة. يسعى المتخصصون في الخدمات الإعلامية – النفسية بجيوش الولايات المتحدة وحلف الناتو إلى البحث عن نماذج وأساليب للتلاعب بالوعي العام، بما في ذلك التدخل المباشر في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة.
يعود تطوير أحدث تقنيات التخريب إلى ضابط المخابرات العسكرية البريطانية جيمس لو ميزورجي، الذي سبق أن شارك في الأحداث في البوسنة وكوسوفو والعراق ولبنان وفلسطين وسورية.
في هولندا، تمّ تسجيل مؤسسة “مايداي للإنقاذ” باسمه، وهي متخصّصة في “دعم المتطوعين في مناطق الصراع وعدم الاستقرار والكوارث الطبيعية”. تمكنت المؤسسة من تنظيم الدعم الدولي للدفاع المدني السوري، الذي أطلق عليه “الخوذ البيضاء”. من خلال مؤسسته، تموّل بريطانيا والدنمارك وهولندا وألمانيا “الخوذ”. كما يأتي دعم مشابه من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية عبر شركة Chemonics التي تتخذ من واشنطن مقراً لها.
الخوذ البيضاء التي تمّ تأسيسها وتمويلها ودعمها من قبل الحكومات الأجنبية ومجموعات الضغط ووكالات العلاقات العامة، ليست بنية عفوية. إنها مصفوفة يمكن، إذا لزم الأمر، تكرارها في كل مكان لزعزعة استقرار الحكومات غير الودية تجاه الغرب.
فكرة لو ميزورجي تكمن في إمكانية إجراء دعاية فعالة ضد الحكومات المنتخبة بشكل قانوني في أي دولة. وقد قال في مقابلة أجريت معه مؤخراً إن منظمات المتطوّعين تحت ستار المنقذين الأوائل، الذين يكتسبون ثقة شعبية بسرعة، مستخدمين ضعف السكان المحليين وفقرهم، يمكن أن تضمن اختراق “القوة الناعمة” عمق البلدان المستهدفة. وسيتم استخدام هذه “القبضة الإنسانية الزائفة في المستقبل لإسقاط العديد من الحكومات غير المرغوب فيها”. ووفقاً لبعض التقارير، تجري دراسة إمكانية تنفيذ برامج نشر الدفاع المدني في بلدان أخرى في الشرق الأوسط، بما في ذلك اليمن والعراق.
يسعى لو ميزورجي لتحويل “مايداي للإنقاذ” إلى بنية دعائية عسكرية كاملة مكرسة “لإعادة تنظيم الحكومات العاصية” تحت ستار جبهة موحدة من وسائل الإعلام الغربية التي تستخدم المعلومات المقدمة بشكل غير نقدي. تقوم المؤسسة بتجنيد مرتزقة متطوّعين في البرازيل لإنشاء منظمة مماثلة هناك. وشاهد الناس لو ميزورجي في فنزويلا وإندونيسيا والفلبين، حيث على شاكلة “الخوذ البيضاء” يتم وضع أسس المنظمات المستقبلية.