
الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب المحامي عمر زين لـ “البناء”:
سناء محيدلي مسيرة خالدة لا تنطفئ
أكد الأمين العام السابق لاتحاد المحامين العرب المحامي عمر زين أن سناء بعمليتها البطولية، أحيّت فينا كل مشاعر العزّة والكبرياء. أعادت تعريف الانتماء، وأعادت رسم معالم التضحية. علمتنا أنّ الوطن ليس مجرد مكان، بل هو قيمة تستحق أن نحبّها.
ورأى في كلمة لـ “البناء” أن “في حضرة الدم الطاهر، تتراجع الكلمات خجولة، وتضيع العبارات أمام عظمة مَن قدّمت حياتها قرابين على مذبح الوطن. لا تكفي الخطب ولا تُجدي التعابير، حين نستحضر سيرة فتاة استثنائيّة كسناء محيدلي… زهرة الجنوب، وصرخة الأرض في وجه الاحتلال”.
وتابع: “اليوم، لا نرثي شهيدة، بل نحيي ذكراها… نؤكد أنّها لم تمُت، بل تحوّلت إلى رمز خالد، إلى نبض نضال لا ينطفئ، وإلى ضوء ينير درب الأجيال القادمة. لقد أصبحت سناء عنوانًا للفخر لكل لبنانيّ حر، ولكل عربيّ يرى في الكرامة مبدأً لا يُساوَم عليه. وفي مثل هذا اليوم، لم تكن سناء تودّع الحياة، بل كانت تعانق الخلود. كانت تقول لنا، وللعالم أجمع، إن فتاةً بعمر الزهر يمكنها أن تكتب بدمها ما عجزت عن كتابته المؤتمرات والمفاوضات. لم تكن تحمل سلاحًا تقليديًا، بل حملت إيمانًا لا يتزعزع بقضية الوطن، ورسالة أقوى من كل الخطب والشعارات: أن الأرض لا تُستعاد إلا بالتضحية، وأن الكرامة لا تُسترجع إلا بالشهادة”.
واستدرك بقوله “لكن ما يجعل سناء أكثر من مجرد شهيدة، هو وضوح موقفها، وصلابة إيمانها بعدالة قضيتها. لقد كانت تعرف تمامًا من هو العدو. لم تساوم، ولم تهادن، بل رفعت صوتها عاليًا في وجه الصهاينة، معتبرة أن الاحتلال لا يفهم إلا لغة المقاومة، وأن المساومة معه تعني خيانة الأرض والتاريخ”.
وأضاف: “قالت سناء بدمها إن الكيان الصهيوني ليس محتلًا لأرض فحسب، بل قاتل للهوية، وناهب للكرامة، وإن مواجهته ليست خيارًا، بل واجب. لقد اختارت أن تكون في الصفوف الأولى، وأن تتحوّل من فتاة عادية إلى رمح في قلب العدوان، وإلى نداء دائم بعدم نسيان من سرق الأرض وسفك الدم. فسناء لم تكن حدثًا عابرًا في سجل المقاومة، بل كانت بداية. بداية وعي جديد، وانطلاقة درب من الشجاعة والالتزام. لقد جسّدت المعنى الحقيقي للوطنية، وأثبتت أن المرأة ليست فقط نصف المجتمع، بل هي قلبه النابض، وصوته في وجه الظلم، وركيزته وقت المحن. وهي بتفجيرها جسدَها، فجّرت فينا كل مشاعر العزّة والكبرياء. أعادت تعريف الانتماء، وأعادت رسم معالم التضحية. علمتنا أنّ الوطن ليس مجرد مكان، بل هو قيمة تستحق أن نحبّها، أن نحميها، وأن نبذل الغالي من أجلها”.
وختم: “في ذكراها السنوية، نقف اليوم إجلالًا واحترامًا… لا لنبكيها، بل لنجدّد معها العهد:
أن نبقى أوفياء للقضية التي استُشهدت من أجلها،
أن نبني وطنًا يليق بتضحيات الشهداء،
وأن نحمل الأمانة بصدق كما حملتها، ونصونها كما صانتها بدمها”.
تحيّة لروحك الطاهرة يا سناء،
تحيّة لعائلتك التي قدّمتك للوطن دون تردّد،
وتحية لكل مَن آمن، مثلك، أن الدم لا يُهدَر حين يُسكب في سبيل الأرض.