دراسات/مقالات

أنطون سعاده قدوة حتى في الاستشهاد

بقلم: سماح مهدي / عضو المجلس الأعلى

 بعد عودته من مغتربه القسري إلى أرض الوطن بتاريخ 02/03/1947، وضع مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعاده نصب عينيه هدفاً تمثل في ترسيخ مبادئ الحزب الأساسية والإصلاحية وغايته عبر شرحها بالتفصيل خلال الندوة الثقافية في الحزب، فعرفت تلك المحاضرات لاحقاً باسم “المحاضرات العشر”.

كانت المحاضرة الأولى بتاريخ 07/01/1947 حيث أكد سعاده فيها على أن “المبادئ هي مكتنزات الفكر والقوى، هي قواعد انطلاق الفكر وليست المبادئ إلا مراكز انطلاق في اتجاه واضح إذا لم نفهمها صعب علينا أخيراً أن نفهم حقيقة ما تعني لنا”.

واحد من مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي هو المبدأ الأساسي السابع الذي شرحه سعاده في المحاضرة السادسة بتاريخ 22/02/1948، ونصّ على أنه:

“تستمد النهضة السورية القومية الاجتماعية روحها من مواهب الأمة السورية وتاريخها الثقافي السياسي القومي”.

بعقل القائد، وروحية الزعامة الجديدة المبنية على قسم أداه طائعاً مختاراً بتاريخ 01/03/1935، أراد سعاده أن يحفر في تاريخ الأمة السورية موقفاً ثابتاً لا يُنسى، وأراد أن يجعل من حزبها القومي قدوة في التضحية والفداء. فكان أن بدأ بنفسه، وسجل في غير مرّة عدم خوفه من الموت.

ففي الخطاب المنهاجي الأول الذي ألقاه سعاده في 01/06/1935 أكد على أن الأمة السورية هي “أمة حية تريد الحياة الحرة الجميلة، أمة تحب الحياة لأنها تحب الحرية، وتحب الموت متى كان الموت طريقاً إلى الحياة”.

وفي خطابه الذي ألقاه في العاصمة الأرجنتينية بيونس أيرس بتاريخ 15/02/1943 قال:

“كم مرة رأيت الموت مقبلاً إليّ في أشكال مختلفة فما تجنبته قط، بل أقبلت إليه كما أقبل إليّ، وثبّتُّ نظري فيه كما ثبّت نظره فيَّ، وكنت واثقاً في كل حين أني أسحقه. وكان في كل آنٍ يقطع الرجاء من إيصال الخوف إلى قلبي أو الشك إلى يقيني فيرتد خائباً ويرجع عوده على بدئه”.

وحتى لا يُقال إن هذه المواقف صدرت عن سعاده وهو في وضع مرتاح، ولو كان في وضع آخر لما كانت هذه مواقفه، نورد الواقعة التالية:

فحين ألقي القبض على سعاده، جرى تعيين القاضي أديب عفيش محققاً لاستجوابه، حيث حضر جلسة الاستجواب أيضاً النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي يوسف شربل الذي سأل سعاده ساخراً: “يا أنطون، تعرف مصيرك فقل لنا ماذا تشعر الآن”، فأجابه سعاده بهدوئه ورصانته وكبريائه: “أعرف أنني سأموت لكن حزبي باق”.

نعم، في فجر الثامن من تموز من العام 1949، ارتقى أنطون سعاده شهيداً بعد أن ترك فينا مبادئ تثبت مع سطوع شمس كل يوم جديد راهنيّتها.

ارتقى إلى عليائه بزوبعة حمراء لا زال جبابرة سوريون قوميون اجتماعيون يقاتلون تحت رايتها حتى اليوم. يقاتلون دفاعاً عن كل الأمة السورية وشعبها وحقوقها وثرواتها، مقتدين بسعاده المؤسس، الزعيم، القائد، المفكر، والأهم مقتدين بسعاده الشهيد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى