بعجور: الجولان أرض سورية وستبقى ما بقيت الحياة والقدس لن تكون إلا عاصمة لفلسطين…
خراط: لنسنّ القوانين التي تكفل محاسبة كلّ من يتطاول على المال العام وكلّ من يُفسد في السياسة والإدارة والإعلام
الأب خوري: القومية الاجتماعية لم تأتِ فقط بالمبادئ المحيية بل أتت العالم بالقاعدة التي يمكن عليها استمرار العمران وارتقاء الثقافة والسير بالحياة نحو أرفع مستوى
أحيت مديرية عينطورة التابعة لمنفذية المتن الشمالي في الحزب السوري القومي الاجتماعي الذكرى الثالثة والأربعين لمجزرة عينطورة، فأقامت قداساً وجنازاً لراحة أنفس الشهداء الذين قضوا غدراً في المجزرة، ومسيرة إلى نصب الشهداء. حضر الذكرى الرئيس الأسبق للحزب مسعد حجل، عميد الاقتصاد حبيب دفوني، العميد د. خليل بعجور، عضوا المجلس الأعلى نجيب خنيصر وعاطف بزي، ناموس مكتب الرئاسة رندا بعقليني، منفذ عام منفذية المتن الشمالي سمعان خراط وأعضاء هيئة المنفذية، وعدد من الأمناء والمسؤولين، رئيسة مؤسسة أسر الشهداء نهلا رياشي، مدير مديرية عينطورة روكز الحاج وأعضاء هيئة مديرية عينطورة، كما حضر رئيس بلدية عينطورة جان خليل عازار وفاعليات بلدية ومخاتير وحشد من القوميين والمواطنين.
قداس وجناز
ترأس القداس الأب يوسف الخوري وألقى عظة رأى فيها أنّ الزعيم أنطون سعاده ابن بلدة «الشوير المتنية، «رفع علماً أعلى بيتَ الكلمة والحرية، ودعا إلى علمنة الدولة ليبعد الهلال الخصيب عن فراش موت الطائفية وليحلق به في سماء الأخوة السورية على أجنحة أربع: حرية، واجب، نظام وقوة، شكلوا زوبعة نهضة المراحمة والمغفرة والمصالحة بين الله والإنسان وبين الإنسان والإنسان .
وتابع «إنّ أفضل الطرق لنشر العقائد بين الشعوب المتمدّنة هي الإقناع بصحّتها وليس الإكراه عليها. فالعراك الفكري هو السبيل للإقناع وهو أكثر انطباقاً على الأمم المتمدّنة كسورية. إنّ الحركة السورية القومية الاجتماعية لم تأتِ سورية فقط بالمبادئ المحيية بل أتت العالم بالقاعدة التي يمكن عليها استمرار العمران وارتقاء الثقافة وترفض الإقرار باتخاذ قاعدة الصراع بين المبدأ المادي والمبدأ الروحي أساساً للحياة الإنسانية، ولكنها تعلن للعالم مبدأ الأساس المادي الروحي للحياة الإنسانية ووجوب تحويل الصراع المميت الى تفاعل تجانس يحيي ويعمّر ويرفع الثقافة ويسير بالحياة نحو أرفع مستوى».
وسأل: «متى نلج النورانية العلمانية، الإلهية الإنسانية، النهضة الاجتماعية؟ نعم علت الصرخة مع الزعيم: انهض أنت ابن النهضة، صدى لصرخة يسوع.. قم أنت ابن الحياة… فهل نستطيع القول بأنّ الحياة المستقاة من الوحي هي نفسها الحقيقة التي ندركها في ضوء العقل؟ نعم، نعم، نعم. في رابط العقل والإيمان ورابط القيامة والنهضة ورابط العلمنة والدين ورابط المادة والروح وفي رابط الإله الإنسان والإنسان الإله وفي رابط الوحي وأمانة الكلمة، نستطيع القول إنّ الحقيقة واحدة في ضوء العقل والإيمان.. حقيقة الإنسان الحياة، حقيقة الجسد والروح، حقيقة القيامة والنهضة».
وختم «الحقيقة هي المجد والخلود للشهداء الذين من أجلهم نصلّي لحفظ ذكراهم في حقيقة قوة المحبة والإيمان والرجاء وزوبعة الحرية والواجب والنظام والقوة».
التعريف
وألقت كلمة التعريف خلود فارس التي رأت أنّ مرتكبي مجزرة عينطورة هم من وحوش الهمجية المتخلفة وفعلم فعل إرهابي لا مثيل له إلا في الإجرام الصهيوني وهو مظهر من مظاهر الهمجية الرجعية الطائفية التي تعمّ في ثقافة الانعزال والتقوقع وثقافة الغاء الآخر، وهذه آفة من آفات المجتمع يعمل القوميون الاجتماعيون لكسرها عبر إحياء ذكرى مجزرة عينطورة وذكرى جميع الشهداء.
كلمة الجيل الجديد
وألقت كلمة الجيل الجديد روى الحاج فقالت: نحن أتباع النهضة القومية الاجتماعية، اتخذنا من مبادئنا أداة لخير المجتمع، ورسالة لحياة حرة كريمة، مهرت بدم شهداء عينطورة وكلّ شهداء الحزب السوري القومي الاجتماعي. وشهداء عينطورة وعلى رأسهم الأمين نسيب عازار لم يعتدوا على أحد بل أرادوا حماية البلدة فكان الثمن مجزرة نفذتها جماعة لا تعرف الكرامة والضمير.
كما ألقى الشاعر وائل ملاعب قصيدة من وحي الذكرى.
المديرية وعائلات الشهداء
وألقى مذيع مديرية عينطورة ميشال عازار كلمة المديرية وأهالي الشهداء بدأها «إنّه لشعورٌ أليمٌ أن يقف الإنسان أمام مرارة الحقيقة… وهل يوجد أمرّ من عواقب الموت على حياة المقرّبين؟ هذا إذا كان الموت طبيعياً. فكيف أن تخطفَ منّا مخالبُ الغدرِ من نصنّفه جزءاً من أرواحنا؟ لماذا يظلّ الوقت ماضياً نحو الأمام، غير مكترثٍ بمن رحل، فيما نشعر بأنّه يجب أن يتوقّف؟ فيبقى بعيداً كلّ البعد عن قبضة تَحَكُّمِنا .
وتابع «لهذا السبب، إنْ اخترنا أن نتعلّم، يتوجّب علينا تنشيط ذاكرتنا باستمرار، ليس لأننا نحبّذ العيش في الماضي، بل لنتمكّن من أن نحيا في الحاضر. وما يميّز القوميين الاجتماعيين، أنّ حديدهم لو حمى لا يبرد أبداً، وبالرغم من أنّ العديد منّا لا تجمعهم معرفة بالشهداء، إلّا أنَّ قصصَهم رافقت طفولاتِنا، فنشعر بألم المقرّبين منهم. أليس ذلك من تبعات ما سمّاه سعاده.. الوجدان القومي .
وأضاف «مع بدء سقوط القناع عن وجه الإرهاب في لبنان، فإنّ أوّل ملامح هذا الوجه تجلّت في مجزرة عينطورة. نسمع تمتمات تعبّر عن انزعاجٍ واضح من إحياء الذكرى ومن قساوة بعض الكلام. لكن بكلّ صراحة، من يشعر أنّ كلامنا عن مجزرة عينطورة محنةٌ تعجز الآذان عن تحمّلها، فهو يتناول الأمور بطريقة سطحية، وتلقائيّاً، يتّضح لنا رأيُه من وقائع تلك المجزرة. أّما من يشعر بأنّ الكلمات تتّخذ من سمعه ممرّاً إلى قلبه، فهو منّا وإحساسُه يوازي إحساسَنا. نحن نتكلّم لنوثّق للتاريخ، لا لنتحدّى، ولا لنزرع الاحقاد .
وأكد انّ ذكرى مجزرة عينطورة عصية على الموت وهي محفورة في تاريخ المتن وعينطورة تنتظر العدالة وقال: «نتيجة المجزرة، عائلات تمزّقت. أيتام أدّت بهم الحاجة إلى السفر مبكراً لمساندة عائلاتهم. فبأيّ منطق مطلوب منّا ان نسهّلَ الأمور؟ لسنا من صعّب الأمور أصلاً كي نسهّلَها. القوميون قُتلوا لاّنهم يحملون فكراً. نحن لسنا انعزاليين. هم الانعزاليون .
وشدّد على انّ «الخيانة سقوطٌ أخلاقيٌّ، لا مكان لها في نفسيّاتنا. ولمرتكبي المجزرة نقول: أنتم عديمو الأخلاق… أنتم الذين خنتم، والخيانةُ انتحارٌ مناقبيٌّ… نحن اليوم لا نريد الاعتداء على أحد، لكننا لن نرضى أن نكون ضحايا من جديد… نحن أصحاب اخلاق. ولكن لا يعني ذلك بأننا لا نقاتل، بل إنّنا نقاتل بأخلاق .
وختم «كيف نخلّد شهداءَنا. الجوابُ سهلٌ. من خلال نهضة المديرية التي ائتمنونا عليها. ويقتضي ذلك أولاً، إرجاع الوعي والثقافة إلى مقامهما الأوّلي، وثانياً، الولاء للحزب وعقيدته ومكافحة منطق التبعية للافراد. فانتماءُنا نحنُ معرفةٌ مُكتَسَبة عن جدارة .
كلمة المنفذية
وألقى منفذ عام منفذية المتن الشمالي سمعان خراط كلمة قال فيها: «في زمن تنطفئ فيه قيم التفاعل والتوحد وتموت على الشفاه لغة العزّ والكرامة..
في زمن تهون فيه الكرامات، وتزحف أشباه الرجال على جباهم طلباً لمنصب ذليل..
في زمن صعب تتبدّل فيه عند البعض مفاهيم العز بالذلّ والوطنية بالعمالة..
في زمن تصبح فيه الخيانة وجهة نظر، والشعار كلاماً أجوفاً، والحق باطلاً، والحقيقة مزيفة..
في زمن سعار الطائفية والمذهبية، وتكالب أمرائها، في هذا الزمن، تحية لشهداء مجزرة عينطورة الذين اختاروا زمناً آخر وموقفاً آخر، وطريقاً آخر، إنه زمن الشهيد زمن الإرادة، زمن البطولة المؤيدة بصحة العقيدة، وأيّ يوم أقدس من هذا اليوم، يوم الأرض، يوم البسالة، يوم العطاء».
وتابع «مضت الأعوام وما زال الجرح ينكأ الجرح، والألم والحزن والغصة ساكنة في قلوب من أحبّهم، مضت الأعوام والذكرى لم تتبدّل.. شهداء عينطورة أحياء في كلّ ما آمنوا به، من مناقب وأخلاق، أحياء فينا في الأمس، وغداً، وإلى الأبد، نعم إنهم شهداؤنا، شهداء مجزرة عينطورة.. شهداء الحزب السوري القومي الإجتماعي.. شهداء الحق بوجه الباطل، شهداء الكرامة بوجه الذلّ، شهداء المعرفة بوجه الجهل، شهداء الخير بوجه الشر، شهداء عزة النفس بوجه المأجور، شهداء المحبة بوجه الحقد، شهداء الإيمان بوجه يهوذا، شهداء القلوب الصافية والأيادي البيضاء بوجه من استلّ خنجراً وغدر بهم فرداً فرداً.
بإسم الدين حرّموا وحللوا، وبإسم الدين إرتكبوا أفظع مجزرة، ومزقوا أجساد الشهداء من دون أن يكون لدى القتلة ذرة من ضمير تثنيهم عن إجرامهم، ولا صلة قرابة تمنعهم، بل ازدادوا بطشاً وفجوراً بوجه أبرياء مسالمين».
وأضاف «إنّ القتلة هم دواعش القرن.. فـ «داعش» هي نتاج غريزة إرهاب ومسيرة إجرام، ومن ارتكب مجزرة عينطورة داعشي الغريزة والمسيرة، داعشي في إجرامه ووحشيته وانعزاله وحهله وظلمه وفتكه. و»داعش» لا دين له ولا لون ولا جنس ولا وطن. أما نحن من هنا من عينطورة، عينطورة العنفوان، عينطورة المطلة على عرزال وقفات العز.. عرزال سعاده، عينطورة الحضارة، عينطورة ثقافة وحدة الإنسان والمجتمع، عينطورة رسالة قبول الآخر، عينطورة التي آلمتها جراحها فتعالت على الجراح، كي تضمد جرح الوطن، عينطورة الأبية، الشامخة، عينطورة أم الشهداء».
وقال «نجتمع اليوم والأمة تترنّح تحت وطأة ربيعهم الأسود، كأني بها ناضجة للإفتراس وكأنما المطلوب الإذعان للمشروع «الإسرائيلي» الأميركي الوهابي والتسليم به كأنه قدر لا يُردّ.
إنه زمن التحوّلات، والحصارات المتعددة وحروب التصفية والإلغاء، كياناتنا مشلولة، منهكة وكأنما المطلوب أن نستسلم. فالعراق مدمّر، مهدّم، مسلوب، منكوب. أما الشام، يا شام الأمة، ويا قلب سورية سلام لك من عينطورة.. سلام على الشهداء وجيشك وناسك وعلى الأمهات والأباء والأبناء.. سلام عليك أيها الأسد الموحد وسلام وألف سلام على نسور الزوبعة والقوى المقاومة.
أما أنت أيها الجولان الحبيب فمهما تآمر عليك يهود ومتهوّدون ومستهودون فإنّ قطّاع الطرق مصيرهم مزبلة التاريخ ومصيرك أن تبقى شامخاً مرفوع الرأس والجبين محرّراً من كلّ رجس، فلك منا الوعد ونصدقك القول بأنّ دمنا فداك وفجر تحريرك لن يطول».
وأردف: «في هذا الزمن لم تعد تنفع بيانات الشجب والإستنكار، لأنّ عدوّنا لا يفهم إلا لغة الحديد بالحديد والنار بالنار، لغة العمليات الإستشهادية النوعية.. لغة المقاومة التي ترهب وتحمي وتحرّر وتصون… وتبقى فلسطين القضية دائماً وأبداً، فلسطين الحجر المقاوم، فلسطين الشهيد الشاب عمر أبو ليلى والطفل محمد الدرة والرضيعة إيمان حجو، فلسطين الأم المعطاءة المهللة فرحاً بالشهيد. وليسمع العالم كله، نحن معكِ يا فلسطين، دمنا فداك، ومهما طال الزمن فإنّ فجر تحريرك آتٍ آتٍ آتٍ».
وفي الشأن اللبناني قال «تعالوا ننفض عنا غبار التبعية ونبدأ من فصل الدين عن الدولة وتعليم رسمي يرسخ الوطنية، يعلم الجمع.. تعالوا نبدأ من قانون انتخابي عصري، حضاري، لبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي، ولنسنّ القوانين التي تكفل محاسبة كلّ من يتطاول على المال العام، وكلّ من يُفسد في السياسة والإدارة والإعلام، وتكافح الفساد أياً كان الفاسد، على قاعدة أن لا حصانة لأحد».
وختم: «نحن من أمة خلاقة مبدعة معطاءة لا تكلّ ولا تملّ، تجترح المعجزات من رحم نسائها الأبطال الذين سطروا أسمى رايات العز والنصر على امتداد التاريخ، فكم من تنين قد هزمت، ولذلك لن يقوى عليها لا «داعش» ولا «النصرة» ولا يهود الخارج والداخل، لذا فإنّكم يا أحرار الأمة مدعوون لمواكبة إنتصارات الأمة، فأنتم أبناء مدرسة خرجت رجالات وأبطالاً خالدين أمثال وجدي الصايغ، خالد علوان، سناء محيدلي، مالك وهبي، علي طالب، أدونيس نصر، وغيرهم وغيرهم عشرات لا بل مئات من القوميين الاجتماعيين الذين بذلوا دمائهم الزكية دفاعاً عن أمتهم وفي سبيل وحدتها وانتصارها».
كلمة المركز
وألقى العميد الدكتور خليل بعجور كلمة مركز الحزب، ومما جاء فيها: في ذكرى مجزرة عينطورة التي تصادف ويوم الأرض، وفي رحاب شهر الولادة وانبعاث الحياة، وليس بعيداً عن عيد الأم، وعلى مسافة أيام من ذكرى الشهيدة سناء محيدلي نقول: لزعيمنا وباعث نهضتنا سعاده، للشهيد الأمين نسيب عازار وكوكبة شهداء عينطورة والإستشهادية سناء محيدلي وكلّ شهدائنا طلائع انتصاراتنا الكبرى الذين عبروا أسوار الموت ليزرعوا في الأرض حياة، فكانوا ملح الأرض وخميرها وزهرها وأريجها، لكلّ نقطة دم سالت لتحمي تراب الأمة، لكلّ أم تنجب أطفالها لتقدّمهم شهداء على مذبح الوطن، لأهلنا الصابرين الصامدين المقاومين المتمسكين بالأرض والهوية، للجرحى، للأسرى ولعائلات الشهداء الذين يعضّون على نواجذهم ولا يصرخون من الألم، لنسورنا ومقاومينا صناع النصر وحماته، لكم أيها القوميون الإجتماعيون يا من تحاربون تنين الأعداء برؤوسه المتعددة، ثابتون على عقيدتكم وإيمانكم ونهج حزبكم، لكم أيها المواطنون الشرفاء، من حزبكم الحزب السوري القومي الاجتماعي تحية عزٍ وفخار، تحيةً سورية قومية اجتماعية.
أضاف: نستذكر في هذا اليوم مواقف الشهيد الأمين نسيب عازار وكوكبة الشهداء في ظروف الحرب القاسية، حين حملوا هموم عينطورة وعملوا على تجنيبها ويلات الحرب وتأمين الحماية لأبنائها جميعاً دون تفرقة أو تمييز بما في ذلك المجرمون الذين يناصبون حزبنا العداء…
نستذكر الشهداء ولا ننسى القتلة مرتكبي المجزرة وكيف بادلوا المحبة بالحقد، والحماية بالغدر والجريمة.. نستذكر شهداءنا ولا ننسى القتلة، لا ننكأ جراح حرب داخلية فُرضت علينا كم كنا نتمنّى لو أنها لم تكن، فنحن القوميين الاجتماعيين لم نفقد البوصلة يوماً، نذرنا أنفسنا من أجل وحدة شعبنا وعزته وكرامته، ولم نتخذ يوماً من الذين ضلّوا الطريق أعداء لنا، بل عملنا ونعمل دائماً على إعادتهم الى حضن الوطن مؤمنين بأن ليس لنا من عدو يقاتلنا في أرضنا وحقنا وديننا سوى اليهود.
وتابع قائلاً: في صراعنا مع العدو، نقدّم الشهيد تلو الشهيد، نزفهم دون حزن أو ألم لأنهم ارتقوا حيث يتمنّون، نحزن ونتألم ونسامح متى ارتقى منا شهيد في غير موقعه عن غير قصد، لكننا لا نغفر ولا نسامح من يتجرأون على الوطن عمالةً، وعلينا غيلةً وغدراً، فتاريخنا يشهد، منا الشهيد الصدر عساف كرم ومنا حسين الشيخ ومنا ساسين الديك ومنا مغيّر وجه لبنان الحديث الأمين البطل حبيب الشرتوني.
حزبنا كان وسيبقى في طليعة المدافعين عن لبنان وسيادته واستقلاله، قدّمنا الشهداء دفاعاً عن هذا الاستقلال ولم نسع يوماً للتآمر عليه، وعلى بقائه، كما فعل مدّعو الغيرة، أعداؤه الحقيقيون الذين عملوا دائماً ليبيعوا لبنان بفضة من اليهود.
نحن نريد للفئة الضالة من اللبنانيين أن يعوا حقيقة الخطر الصهيوني على كيانهم، وأن يوقنوا بأنّ التبعية والاستقواء بالأجنبي لن تحميهم من هذا الخطر، وبأنّ قوة لبنان الحقيقية تكمن في وحدة جيشه وشعبه ومقاومته الذين حرّروا لبنان وانتصروا على العدو الصهيوني وأذلوه مسقطين مقولة جيشه الذي لا يُقهر. ونرى أنّ قوة لبنان لا تكمن في العداء للكيان الشامي بل في العلاقة المميّزة معه وفي تكاملهما مع محيطهم القومي ضمن مجلس تعاون مشرقي يؤمّن مصالح جميع كيانات الأمة دون تغليب مصلحة كيان على آخر، ولا يسعنا هنا إلا ان ندعو الدولة اللبنانية وعلى رأسها فخامة الرئيس العماد ميشال عون لتفعيل العلاقة المميّزة مع الشام وإلى التعاون المباشر معها لسحب ملف النازحين السوريين من التجاذبات الدولية والمحلية وإنهاء مأساتهم الإنسانية عبر إعادتهم الى قراهم وبيوتهم.
نحن نريد للبنان ان يكون قوياً موحداً معافى في ظلّ نظام لاطائفي يؤمّن وحدة الحياة بين أبنائه ويلغي أكذوبة التعايش الطائفي والعيش المشترك. نظام يكفل المساواة بين اللبنانيين ويحقق العدالة الاجتماعية للجميع، نظام يقوم على استقلالية القضاء ليتمكّن من معاقبة مرتكبي مجزرة عينطورة ومجزرة حلبا، قضاء يحاكم العملاء ويبرّئ المقاومين. قضاء يحاكم الفاسدين والمفسدين الذين يتخذون من نظام المحاصصة الطائفي مظلة تغطيهم وتمنع عنهم المحاكمة باعتبار المساس بهم مساساً بدور طوائفهم ومكتسباتها وتهديداً للاستقرار الداخلي. ولنا ان نسأل لماذا لا تطبّق بنود الطائف كاملة وخاصة البند المتعلق منها بالغاء الطائفية، الذي نرى في عدم تطبيقه خرقاً للدستور واستمرار في تعزيز سلطة الطوائف وحماية مصالحها على حساب سلطة الدولة ومصالح اللبنانيين ووحدتهم.
وفي يوم الأرض، يوم فلسطين، وعلى وقع القمة العربية واعتراف ترامب بسيادة الكيان الغاصب على الجولان وما سبقه من اعتراف بالقدس عاصمة له، نرى أنّ قرارات ترامب ليست غريبة ولا مفاجأة لنا وإنْ كانت متنافية مع القانون الدولي، فالولايات المتحدة التي تخضع لسيطرة اللوبي الصهيوني ومنذ سقوطها من عالم الإنسانية عند اعترافها بالاغتصاب اليهودي لفلسطين دأبت على دعم هذا الكيان ومدّه بمقومات البقاء ضاربة بعرض الحائط كلّ القرارت والمواثيق الدولية. ونرى أنّ ترامب ما كان ليجرؤ على قراره المتعلق بالجولان لولا تآمر السعودية وقطر والإمارات على دمشق ودعمهم وتمويلهم ومشاركتهم للحرب عليها، وما كان ليجرؤ هو أو سواه على نقل سفاراتهم الى القدس لولا موافقة عرب الخيانة على صفقة القرن وتسابقهم على إقامة العلاقات المباشرة مع الكيان الغاصب.
لترامب نقول لكم قرارتكم، ولنا قراراتنا، وكما هزمناكم في لبنان والشام سنهزمكم في معارك التحرير ونرمي قراراتكم على مزبلة التاريخ.
ولعرب أميركا نقول: لن تنجح مؤامراتكم ولا مؤتمراتكم بتمرير صفقة القرن التي لن تقدّم لكم سوى الذلّ والهوان والخضوع للهيمنة الصهيوينة، فالصهيونية العالمية التي نجحت بالسيطرة على الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين لن تعجز عن سرقة مقدرات بلادكم والسيطرة على قراراتكم ودولكم. وحده التخلص من الهيمنة الأميركية طريق خلاصكم.. فلا تنجرفوا وراء عداوات وهمية لا أساس لها إلا في المشروع الأميركي الصهيوني، لقد دعمتم حرب تموز على لبنان وخسرتم، ودعمتم وشاركتم بالحرب على سورية وخسرتم، وتخسرون في اليمن، فماذا قدّمت لكم الولايات المتحدة الأميركية. عودوا عن مؤامراتكم فإنْ لم تفعلوا ذلك وفقاً لما يمليه عليكم واجبكم تجاه فلسطين إفعلوا ذلك لمصلحة شعوبكم ومستقبل بلدانكك، قبل ان تتحوّل الى محميات صهيو – أميركية فتصبحون على ما فعلتم نادمين.
في يوم الأرض نوجّه التحية مجدّداً لأهلنا في فلسطين، لأمهات فلسطين، لأطفالها، لرجالها، لنسائها، لشهدائها لجرحاها لأسراها لمقاوميها، ونحيي صمودهم وعطاءهم الأسطوري الذي لم يشهد التاريخ مثيلاً له، ونحيي موقفهم الموحد الرافض لصفقة القرن ونرى فيه فرصة لنبذ الخلافات والتوحد على نهج المقاومة طريقا للتحرير بعيداً عن نهج التسوية الذي لم يخدم سوى العدو.
وختم: لم نراهن يوماً على القرارات الدولية ولن نراهن، لأنّ الحق لا يكون حقاً إلا بمقدار ما تدعمه من قوة. فالجولان أرض سورية وستبقى سورية ما بقيت الحياة، والقدس لن تكون إلا عاصمة أبدية لفلسطين كلّ فلسطين، فالشعب الذي يقاوم بالأجساد العارية وبالحجر وبالسكين سينتصر، والمقاومة التي تسرق النوم من عيون اليهود ستنتصر، وسورية الأسد التي انتصرت على أكبر حرب إرهابية كونية ستنتصر، وما بيننا وبين العدو اليهودي حرب وجود لا تزول إلا بزواله، وسيزول وننتصر.