في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة الأميركية لإنشاء تحالف عسكري – إقتصادي يستهدف الجمهورية الإسلامية في إيران، بات واضحاً أن الموقف الأوروبي لا يتطابق وحسابات بيدر مصالح إدارة دونالد ترامب، ويظهر ذلك بوضوح من خلال تخفيض مستوى مشاركة كل من فرنسا والمانيا والاتحاد الاوروبي الى الحد الأدنى من التمثيل الدبلوماسي، ما يشكل صفعة أوروبية للإدارة الأميركية قبل إنطلاق أعمال مؤتمر وارسو.
في هذا السياق أشار مراسل الميادين في جنيف موسى عاصي الى أن الادارة الأميركية لم تنجح على ضوء هذه التنازلات، في اقناع الحلفاء الأوروبيين الغربيين بالمشاركة الفعلية، ما شكل رسالة واضحة لإدارة ترامب بأن الاوروبين ملتزمون بشكل نهائي بتطبيق الاتفاق النووي والسير قدما في العمل بنظام “انستاكس” للتبادل التجاري مع ايران، وانهم لن يسيروا في أي نشاط يمكن أن يقوض تطبيق الاتفاق النووي.
وانطلاقاً من هذا المشهد المرتبك، فإن نتائج المؤتمر مقارنة مع الهدف الأساس له تشكيل جبهة لمواجهة إيران ستكون هزيلة في أحسن الأحوال، وقبل ساعات من انطلاق أعمال مؤتمر وارسو الهادف لمحاصرة إيران، يسيطر نوع من الارباك على مسار أعمال هذه القمة وما يمكن أن تخرج به بعد خفض الإدارة الأميركية أمالها بتشكيل جبهة دولية – اقليمية لمواجهة إيران واضطرارها إعادة النظر بجدول الأعمال وتوسيعه ليشمل مناقشة، ولو ثانوية، لكل من الملفين الفلسطيني – الإسرائيلي وأزمة اليمن.
ولم تنجح الادارة الأميركية، على ضوء هذه التنازلات، في اقناع الحلفاء الأوروبيين الغربيين بالمشاركة الفعلية، وشكل تخفيض مستوى مشاركة كل من فرنسا والمانيا والاتحاد الاوروبي الى الحد الأدنى من التمثيل الدبلوماسي، رسالة واضحة لإدارة ترامب بأن الاوروبين ملتزمون بشكل نهائي بتطبيق الاتفاق النووي والسير قدما في العمل بنظام “انستاكس” للتبادل التجاري مع ايران، وانهم لن يسيروا في أي نشاط يمكن أن يقوض تطبيق الاتفاق النووي.
وكان الاتحاد الأوروبي وقبل أيام من انعقاد قمة وارسو قد أصدر بياناً اعتبر خارطة طريق للعلاقات الأوروبية – الإيرانية، فصل فيه بين الموقف من الاتفاق النووي والموقف من الدور الإيراني في الشرق الاوسط والمنظومة الصاروخية، ورغم تطابق المواقف الأوروبية الغربية والموقف الاميركية في الملفين الأخيرين، إلا أن الأوروبيين يفضلون الدخول في نقاش سياسي مع طهران توصلاً لتفاهمات حول الدور الايراني في المنطقة، خلافاً للرؤية الأميركية التي يقودها المتطرفان في السياسية الخارجية جون بولتون، مستشار الأمن القومي، ومايك بامبيو وزير الخارجية، اللذان يفضلان استخدام منطق القوة ولو أدى ذلك الى مواجهة عسكرية مع إيران.
وبدا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي كان أول الواصلين الى وارسو، أكثر المتحمسين لهذا المؤتمر اذ لم يتبن التسمية الرسمية للمؤتمر “الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط” بل كان أكثر صراحة من الجهة الداعية مؤكداً أن هذف هذا اللقاء هو “محاصرة إيران وشل دورها في سوريا والمنطقة ككل”.
ويتوقع أن يكون نتيناهو أكثر الرابحين من هذا اللقاء اذ ستتيح له الجلسة المخصصة يوم الخميس لمداخلة مستشار الرئيس الأميركي وصهره جاريد كوشنير حول ما يعرف بصفقة القرن، الجلوس في قاعة واحدة إلى جانب مسؤولين من 11 دولة عربية، وهو أمر لم يحصل منذ مؤتمر مدريد عام 1991 أثناء ولاية الرئيس الأميركي الاسبق بيل كلنتون، وستشكل هذه المحطة، خصوصاً اذا تمكن نتنياهو من مصافحة المسؤولين العرب، دعماً استثنائياً لرئيس الحكومة الإسرائيلية قبل أسابيع من الانتخابات الاسرائيلية المقررة في 9 نيسان/ ابريل المقبل، والتي يأمل نتنياهو من خلالها، الذي يحظى بأكثرية هشة في “الكنيست” (مع فارق صوت واحد فقط)، الحصول على أكثرية مريحة.
وعلمت الميادين أن كوشنير الذي سيقدم للمرة الأولى مداخلة علنية حول الخطة الأميركية المعروفة بصفقة العصر في مؤتمر وارسو، لن يتحدث سوى بالأفكار العامة لهذه الخطة، أما تفاصيلها فستكشف بعد الانتخابات الاسرائيلية، بحسب تسريبات دبلوماسية أميركية لاعلاميين أميركيين، ويضيف هؤلاء أن نتنياهو هو الشخص الوحيد من بين المعنيين بالصفقة الأميركية في المنطقة، الذي كشفت له الادارة الأميركية تفاصيل “صفقة القرن” في حين لم تكشف هذه التفاصيل لأي مسؤول عربي.
انطلاقاً من هذا المشهد المرتبك، فإن نتائج المؤتمر، مقارنة مع الهدف الأساس له، تشكيل جبهة لمواجهة إيران دبلوماسياً واقتصادياً وعسكرياً، ستكون هزيلة في أحسن الأحوال، ورغم توقعات تضمين البيان الختامي عبارات ومفردات قوية وقاسية بحق دور إيران في الشرق الأوسط، إلا أن ذلك لن يغير في الواقع الحالي شيئاً، فالدول التي يتوقع أن تتبنى منطق المواجهة مع إيران هي ذاتها التي تناهض إيران منذ سنوات طويلة إن على المستوى العربي أو على مستوى الولايات المتحدة وإسرائيل.
كل ما يمكن أن يقدمه مؤتمر وارسو هو اظهار التطابق في وجهات النظر بين بعض العرب وإسرائيل إلى العلن وبرعاية أميركية.