يبدو أن الهزائم الأميركية بمواجهة محور المقاومة والذي تشكل إيران أحد مرتكزاته، لن يقتصر على الدول التي خاضت مواجهات مباشر مع الإرهاب المدعوم أميركياً، فالفشل الأميركي إنتقل من الميدان الى السياسة حيث عجزت واشنطن في عقد مؤتمر دولي بهدف تشكيل تحالف دولي ضد طهران.
وفي السياق نشرت صحيفة “الغارديان” تقريرا لمحرر الشؤون الدبلوماسية باتريك وينتور، يتناول فيه أسباب تراجع الولايات المتحدة عن فكرة عقد مؤتمر دولي في بولندا لتشكيل تحالف دولي ضد طهران.
ويشير التقرير إلى أن المؤتمر يوصف الآن بأنه مؤتمر يركز على مجرد تبادل أفكار “عصف دماغي” حول الشرق الأوسط.
ويلفت وينتور إلى أن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو أعلن عن المؤتمر أثناء جولته الشرق أوسطية، وكان واضحا في إعلانه أن المؤتمر سيركز على تأثير إيران الإرهابي في المنطقة، إلا أن البيان الرسمي المشترك لم يذكر إيران، بل ركز بدلا من ذلك على القضايا المرتبطة بإيران، مثل الإرهاب والتطرف، وتطوير الصواريخ وانتشارها، والتجارة البحرية، والأمن، والتهديدات التي تمثلها الجماعات الوكيلة في المنطقة.
وتقول الصحيفة إن التغير في التركيز جاء بعد إشارات من الدول الأوروبية، ومن بينها ما قالته مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فردريكا موغريني بأنها ستتجنب المؤتمر، المقرر عقده في الفترة ما بين 12- 13 شباط المقبل، وتتوجه بدلا من ذلك للمشاركة في مؤتمر ميونيخ للأمن بعد أسبوع.
وينوه التقرير إلى أن الولايات المتحدة تحاول إقناع الاتحاد الأوروبي بالتخلي عن دعم الاتفاقية مع إيران، الموقعة عام 2015 بشأن ملفها النووي، بالإضافة إلى أنها تهدد باستخدام العقوبات الأميركية الثانوية من أجل الضغط على شركات الاتحاد الأوروبي لوقف التبادل التجاري مع إيران.
ويفيد الكاتب بأن “بريطانيا هي من الدول التي تواجه تمزقا بين حضورها المؤتمر والبقاء بعيدا، فهي من الناحية التقليدية تعد قريبة من الولايات المتحدة وبولندا، لكنها متمسكة بالاتفاقية النووية، وربما كانت الأجندة الموسعة المقترحة من أميركا محاولة لدفع بريطانيا للمشاركة فيه”.
وتنقل الصحيفة عن ممثل الولايات المتحدة في الأمم المتحدة جوناثان كوهين، قوله إن النقاشات في مؤتمر بولندا “أوسع بكثير من أن تكون متركزة على بلد واحد أو مجموعة من القضايا”، وأضاف أن المؤتمر “سيكون عصفا دماغيا دوليا”، وأكد أنه “لن يكون مسرحا لشيطنة إيران أو الهجوم عليها”، وقال كوهين إن قضايا مثل الأزمات الإنسانية في سوريا واليمن وتطوير الصواريخ والأمن الإلكتروني ستتم مناقشتها.
ويورد التقرير نقلا عن ممثلة بولندا في الأمم المتحدة جوانا رونيكا، قولها إن المؤتمر الذي سيعقد على مستوى وزاري في وارسو سيقدم “قيمة إضافية للجهود السلمية في الشرق الأوسط، وخلق رؤية إيجابية في المنطقة”، وأضافت أن 70 دولة ستشارك في المؤتمر، مؤكدة أن القمة ستتناول “عددا من القضايا الأفقية المتعلقة بالمنطقة كلها، ولا ننوي التركيز على دولة بعينها خلال المؤتمر”.
ويذكر وينتور أن نائب وزير الخارجية البولندي قام بزيارة طهران لطمأنة إيران، فيما تقول بولندا إنها قد تضيف إيران إلى قائمة الدول المدعوة، مستدركا بأن طهران تشك في نوايا الولايات المتحدة، وبأن الاجتماع هو نقاش على مدار يومين فقط، فيما أعلنت روسيا عن أنها لن تحضر المؤتمر، حيث ستؤدي المقاطعة الشاملة أو الحضور على مستويات متدنية إلى عزلة الولايات المتحدة الدولية.
وتنقل الصحيفة عن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، قوله في تغريدة، إن بلاده استقبلت في أثناء الحرب العالمية الثانية أكثر من 100 ألف لاجئ بولندي، وأضاف: “لا يمكن للحكومة البولندية مسح العار: ففي الوقت الذي أنقذت فيه إيران البولنديين في الحرب العالمية الثانية فإنها تقوم باستقبال سيرك يائس معاد لإيران”.