صفية سعاده: لا سبيل لردع «إسرائيل» والحفاظ على أرضنا إلا بالمقاومة
«مصير فلسطين هو مصير بيروت ودمشق وبغداد وعمّان وبوصلتنا سوراقيا متحدة»
بدعوة من «مركز مسعد وناديا حجل الثقافي» ألقت الدكتورة صفية أنطون سعاده محاضرة بعنوان: «وحدة سوراقيا في مواجهة إسرائيل الكبرى»، وقد حضر الندوة رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، ناموس المجلس الأعلى توفيق مهنا، الرئيس الأسبق الحزب مسعد حجل، وعدد من المسؤولين المركزيين في القومي. كما حضر الوزراء السابقون د. عدنان منصور، فادي عبّود ونقولا تويني، الأب إميل مجاعص وجمع من المهتمّين المواطنين والقوميين.
قدّم للمحاضرة فاروق أبو جودة، فقال: كم هما مزهوّان، الأمينان مسعد وناديا حجل، بما أنجزاه، ليكون هذا المكان ملتقى أصحاب الفكر والعقيدة، مجسّدَين قول قدوتهما سعاده: «كلما ارتقينا قمة بدت لنا قمم»، أننا بدأنا نشاطاتنا في الطابق الثالث عشر وإذ بنا نرتقي إلى الخامس عشر، فتطالعنا أيقونة طاهرة لا متناهية قيمتها عند القوميين الاجتماعيين، تحمل رسم الأمينة الأولى الجزيلة الاحترام.
ثم عرّف بالمحاضرة فقال: حصّلت العلم بعصامية بالغة ونالت أعلى الشهادات الجامعية وحملت درجة الدكتوراة ووصلت أن تكون مستشارة خاصة لأعلى المستويات، ناهيك عن إطلالاتها التلفزيونية ومقابلاتها الإذاعية ومقالاتها في الصحف والمجلات المختلفة.
ثم ألقت د. صفية سعاده محاضرتها، فأشارت إلى أنّ سوراقيا تعني منطقة الهلال الخصيب، أو المشرق العربي، أو سورية الطبيعية. وقد استُعمِل مدلول سوراقيا للمرة الأولى من قبل أنطون سعاده.
أضافت: انّ منطقة الهلال الخصيب شكلت وحدة جغرافية اقتصادية – اجتماعية منذ القدم. حتى القبائل العربية الآتية من الجزيرة العربية والتي ولجتها في بداية القرون الوسطى، نظرت إليها كواحة موحدة متكاملة أطلقت عليها اسم «الهلال الخصيب» لأنه تراءى لها كواحة خضراء على شكل هلال يزنّر صحراء شبه الجزيرة العربية.
وقالت: لم تُقسّم هذه المنطقة إلا مع الاحتلالين الفرنسي والبريطاني مع نهاية الحرب العالمية الأولى 1918 ، وبالتالي الكيانات التي نشأت وسُمّيت سورية ولبنان والأردن وفلسطين، لا نستطيع أن نقول إنها تمثل أوطاناً، لأنها لم تأت نتيجة استفتاءات شعبية بل فُرضت فرضاً على سكان المنطقة كما أكدت لجنة كينغ – كراين الأميركية التي زارت المشرق العربي عام 1919 وقدّمت تقريراً تؤكد فيه انّ سكانها يريدون البقاء موحدين ويرفضون التقسيم. لذلك ما نراه اليوم هو كيانات مصطنعة لا أوطان، وقد خَطّ الاستعمار الغربي حدودها لسببين أساسيين:
السبب الأول هو سهولة الاستيلاء والسيطرة على سوراقيا عبر التقسيم، والسبب الثاني، هو القرار بأن يكون شكل التقسيم طائفياً، وذلك لزرع مستعمرة صهيونية في فلسطين، وتهجير أهلها بناء لمقوّمات عنصرية دينية واثنية.
واعتبرت الدكتورة سعاده أنه من الأهمية القصوى إظهار الترابط العضوي بين اتفاق سايكس – بيكو 1916 من جهة، ووعد بلفور 1917 من جهة أخرى، اذ أنّ تطبيق وعد بلفور لم يكن ممكناً إلا بعد تنفيذ تقسيمات سايكس -بيكو، فمجرد وجود كتلة جغرافية كبيرة موحدة تحتوي على خليط من الاثنيات والطوائف في مواجهة «إسرائيل» كان يعني فناء هذه الأخيرة واستحالة ديمومتها. بكلمات أخرى، بقاء الكيان الصهيوني مشروط بشرذمة المشرق العربي، ولذلك تؤجّج «إسرائيل» الحروب الطائفية والاثنية في منطقتنا.
وتابعت: كان واضحاً منذ بداية القرن الماضي وبناء على كتابات العديد من القادة الصهيونيين، أنّ مشروع هؤلاء يرمي الى انشاء «إسرائيل الكبرى» التي تغطي مساحة الهلال الخصيب الجغرافية. ولقد عبّر عن ذلك بكلّ وضوح حاييم وايزمان في رسائله التي جُمعت في 23 مجلداً، كما كتب شاهاك إسرائيل مؤلّفا سمّاه: «خطة إسرائيل الكبرى»، وما الاستيلاء على جنوب لبنان عام 1982، وضمّ الجولان إلى «إسرائيل» إلا دليلان دامغان على هذا التوجه. الاستيلاء على فلسطين ليس إلا البداية وليس نهاية الطريق، وهذا منطقي من وجهة النظر الإسرائيلية التي تجد انّ عليها التوسع وإلا واجهت الاضمحلال ضمن بيئة سكان سوراقيا الأصليين. والبرهان على مرامي «إسرائيل» التوسعية انها لا تضع حدوداً لها، وهي دخلت الأمم المتحدة كدولة بلا حدود!
من هنا، لا يستطيع اللبناني أو السوري أو العراقي أو الأردني القول بأنّ قضية فلسطين لا تهمّه، ذلك انّ «إسرائيل» تحاربه تماماً كما تحارب فلسطين وتقضم من أراضيه، ولا سبيل لردعها والحفاظ على أرضنا إلا بالمقاومة.
مصير فلسطين هو مصيرنا، هو مصير بيروت ودمشق وبغداد وعمّان، وبوصلتنا هي سوراقيا متحدة.