عشية التئام المجلس القومي في الحزب السوري القومي الإجتماعي لانتخاب أعضاء المجلس الأعلى وأعضاء هيئة منح رتبة الأمانة في العاشر من تشرين الأول 2021، في “دار سعاده الثقافية والاجتماعية” في ضهور الشوير، أصدر عميد الداخلية الأمين رامي قمر تعميماً جاء فيه:
“إنّ إنشاء المؤسسات ووضع التشريع هو أعظم أعمالي بعد تأسيس القضية القومية لأن المؤسسات هي التي تحفظ وحدة الاتجاه ووحدة العمل”
(سعاده)
بتاريخ 4 آب 2020 أصدر المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي القرار رقم 15/88، حدّد بموجبه تاريخ 13 أيلول 2020، موعداً لانعقاد المجلس القومي في جلسة مخصّصة لانتخاب أعضاء المجلس الأعلى وأعضاء هيئة منح رتبة الأمانة. وقد أتى ذلك القرار، وفقاً للنصوص الدستورية التي تحّتم إتمام هذا الاستحقاق الدستوري في الحزب. ويشكّل هذا الإستحقاق محطة مفصلية تحصّن الحزب وترسّخ ثوابته وخياراته غير القابلة للتبدّل، والتي هي سلاحه الأمضى للتخلص من آفات الطائفية والفساد ومقاومة الاحتلال واجتثاث الإرهاب، وللتأكيد على التمسك بخيار المقاومة وبوحدة قواها وفي مقدمتها سورية بقيادتها، وبعد مرحلة محفوفة بالمخاطر والتحديات مرّ بها حزبنا ومرّت بها أمتنا كان أخطرها الحرب الإرهابية الكونية على سورية، وصفقة القرن المشؤومة.
إنّ ما كان مأمولاً أن يشكله الاستحقاق الحزبي في 13 أيلول 2020، تمّ إفراغه نظراً للشوائب الجمّة التي اعترت العملية الانتخابية، نتيجة مخالفات ارتكبها بعض المسؤولين، إنْ لجهة النصاب الذي ثبت عدم اكتماله، أو لجهة التزوير الفاضح الذي تمثل باقتراع أشخاص عن مندوبين غير حاضرين، ناهيك عن التأثير على إرادة بعض الأعضاء، والاعتداء على صلاحيات العمُد المسؤولين عن العملية الانتخابية وإدخال الناخبين إلى الاجتماع دون أية وثيقة ثبوتية عبر الاستفادة من إجراءات الوقاية من جائحة كورونا، لإدخال أشخاص يرتدون الأقنعة الواقية إلى قاعة الاجتماع، وذلك عن سبق تعمّد لارتكاب فعل التزوير.
وبعد اكتشاف الكمّ الهائل من المخالفات، تقدّم عدد من الرفقاء المرشحين، والرئيس السابق للحزب الأمين فارس سعد، بطعون أمام المحكمة الحزبية، مستخدمين حقاً مقدساً مصاناً يكفله الدستور بهدف إبطال تلك الانتخابات.
غير أنّ الذين استفادوا من نتائج الانتخابات المزوّرة، وخوفاً من كلمة الحق التي اعتاد القضاء الحزبي قولها، عمدوا من دون وجه حق، في جلسة غير شرعية وفاقدة للنصاب إلى إعفاء المحكمة الحزبية، بهدف تشكيل سلطة أمر واقع، ووضع الحزب في أتون انقسام مفتعل وتعريضه للخطر، الأمر الذي حمل المتضرّرين على مراجعة القضاء المختص الذي أصدر قراراً بوقف نتائج الانتخابات بعدما تثبّت بما لا يقبل الجدل من حجم وكمّ المخالفات والتجاوزات الحاصلة.
إنّ قيادة الحزب، ممثلة بحضرة نائب رئيس الحزب القائم دستورياً بمهام الرئاسة الأمين وائل الحسنية ورئيس المجلس الأعلى الأمين أسعد حردان وحرصاً منها على تحصين الحزب ووحدته، قدمت المبادرة تلو الأخرى للخروج من الأزمة التي نشأت بفعل التزوير، لكن الفريق المستفيد من انتخابات 13/9/2020 رفض جميع المبادرات بما فيها الدعوة إلى عقد مؤتمر عام تكون توصياته ملزمة وتليه انتخابات وفقاً للنصوص الدستورية والقواعد القانونية والنظامية. كما أنّ الفريق ذاته، رفض تشكيل محكمة خاصة أو لجنة تحكيم حزبية للبت بالطعون المقدّمة.
وأمام الموقف الرافض لكلّ المبادرات، كان لا بدّ أن تتخذ قيادة الحزب القرارات والإجراءات المطلوبة بما يضمن استمرار عمل المؤسسات الشرعية، فاجتمع المجلس الأعلى وشكل محكمة حزبية وفقاً للأصول، التي بدورها درست الطعون المقدّمة وبتت بها عبر إصدارها بتاريخ 5/11/2020 حكماً مبرماً حمل الرقم 6/88 والذي قضى بإبطال انتخابات أعضاء المجلس الأعلى وأعضاء هيئة منح رتبة الأمانة التي جرت بتاريخ 13/9/2020، ووجوب إعادة إجراء الانتخابات وفقا للأصول القانونية.
جاء قرار المحكمة الحزبية بعد تمحيص دقيق للوقائع الثابتة والمؤيدة بالمستندات المثبتة وبتقارير المسؤولين الحزبيين المكلفين بمتابعة العملية الانتخابية، وبعد التثبّت من حصول مخالفات دستورية جسيمة واعتداء على صلاحيات العمُد المسؤولين وعدم دستورية الترشيحات وعدم توفر النصاب وعدم الالتزام بموعد الإجتماع إضافة إلى حصول عمليات تزوير ثابتة وأكيدة.
كما أنّ المجلس الأعلى في الحزب وحرصاً منه على إنجاح كلّ مبادرة تهدف الى ترسيخ وحدة القوميين الاجتماعيين، عيّن أكثر من تاريخ لعقد المؤتمر العام تليه انتخابات حزبية. وفي كلّ مرّة كان يؤجل الموعد إفساحاً في المجال للوصول إلى الغاية المنشودة.
ومن باب إحقاق الحق، نسجّل للقيادة السورية على أعلى المستويات وسعادة سفير الجمهورية العربية السورية في لبنان بذلهم جهوداً جبارة ومقدّرة لمصلحة وحدة الحزب. إلا أنّ رفقاءنا الذين استفادوا من الانتخابات التي أبطلت لم يستجيبوا لأية مبادرة، ما عدا رسالة خطية وجهت إلى رئيس هيئة مكتب المؤتمر العام الأمين حنا الناشف تضمّنت الموافقة على عقد المؤتمر العام بتاريخ 6 و7 آب2021 والمجلس القومي في 8 آب2021 لإعادة إجراء الانتخابات، خلافاً للموعد الذي أقرّته مؤسّسات الحزب الشرعية التي كانت حدّدت تاريخ 15 و 16 و 17 تموز 2021 موعداً للمؤتمر والانتخابات.
مجدّداً، ولعدم تفويت الفرصة المتاحة، وافقت قيادة الحزب الشرعية خطياً على تاريخ 6 و7 و8 آب 2021، وكذلك هيئة مكتب المؤتمر العام بواسطة رئيسها، إلا أنّ الفريق الآخر تنصّل مجدّداً من التزاماته تحت حجج واهية، ما أكد أنّ غايته هي القبض على السلطة فقط مما يجعلنا نستحضر قول حضرة الزعيم:
“بأنّ الأكاذيب لا تنتهي إلا عندما يكون هناك إخلاص في طلب الحقيقة وأهل النفاق يطلبون غايتهم… لا الحقيقة”. (سعاده)
وحرصاً من الإدارة الحزبية، على صحة موقفها وصوابية خيارها الهادف إلى لمّ شمل جميع السوريين القوميين الاجتماعيين، متمسكة بما قاله سعاده:
“لا مشاحة بأنّ العقيدة لا تكون عقيدتين، بل واحدة، وأنّ الحركة لا تكون حركتين، بل واحدة، وأنّ الزوبعة لا تكون زوبعتين، بل واحدة”.
من هنا نورد الحقائق التالية:
ـ إنّ المحكمة الحزبية التي عيّنها الفريق المطعون بشرعيته أصدرت بتاريخ 21/6/2021 قراراً أبطلت بموجبه انتخابات 13/9/2020 وألزمت المستفيدين من نتائجها، بإجراء انتخابات جديدة قبل نهاية شهر آب 2021.
ـ إنّ المؤسسات الحزبية المشكلة نتيجة إنتخابات 13/9/2020 التي حصل إجماع دستوري قانوني على بطلانها ووجوب إعادة إجرائها، أضحت جميعها من مجلس أعلى ورئاسة ومجلس عمُد ومحكمة حزبية وكأنها جميعاً لم تكن.
ـ كما أنّ المجلس الأعلى الناتج عن انتخابات 13/9/2020، بات منحلاً حكماً بعد أن تدنّى عدد أعضائه عن 13 عضواً نتيجة الاستقالات وإسقاط العضويات وفقدانها وبطلان ترشيح أحد أعضائه، بصدور أحكام جزائية بحقه.
ـ كما أنّ الوضع الدستوري والقانوني لهيئة منح رتبة الأمانة، المنتخبة بالتاريخ ذاته، لا يختلف عن وضعية المجلس الأعلى المذكور خاصة بعد استقالة أكثر من نصف أعضائها.
ـ فضلاً عن ذلك، فإنّ المحكمة الحزبية المشكلة من قبل المجلس الأعلى الناتج عن انتخابات 13/9/2020، قد استقال عدد من أعضائها، فيما وقّع عدد منهم على نداء وجوب انعقاد المؤتمر العام وإعادة إجراء الانتخابات.
إنّ السقوط الأخلاقي الكبير الذي حصل نتيجة تزوير انتخابات 13/9/2020، لم يرض به القوميون الاجتماعيون ولن يرضوا بتكريسه في حزبهم.
فلم يكن أمامنا جميعاً من سبيل للخروج من ذلك الوضع غير الطبيعي إلا بالعودة إلى القوميين الاجتماعيين كونهم، وفقاً للدستور، مصدر السلطات، والدعوة لعقد المؤتمر العام وإجراء الانتخابات بتاريخ 1 و 2 و 3 تشرين الأول 2021.
فكان أن انعقد المؤتمر العام في التاريخ المذكور بحضور مميّز للقوميين الاجتماعيين (أمناء ومندوبين ومسؤولين) برئاسة رئيس هيئة المؤتمر العام الأمين حنا الناشف، وصدر عنه التوصيات اللازمة.
وبتاريخ 3/10/2021 وبسبب عدم اكتمال النصاب أرجئ اجتماع المجلس القومي وفقاً للنص الدستوري إلى 10/10/2021.
بالاستناد إلى كلّ ما تقدّم فإنّ القوميين الاجتماعيين لا سيما أعضاء المجلس القومي (أمناء ومندوبين) والتزاماً بقسمهم الحزبي وواجبهم تجاه حزبهم وأمتهم وزعيمهم وأبناء شعبهم فإنهم مطالبون جميعاً بإنهاء الحالة غير الطبيعية في حزبهم من خلال حضور اجتماع المجلس القومي بتاريخ 10/10/2021 في “دار سعاده الثقافية والاجتماعية” دار العز الجامعة الموحدة، ليعبّروا عن إرادتهم بكلّ شفافية وحرية ووضوح في انتخاب قيادة جديدة تعبّر عن تطلعاتهم وتطلعات حزبهم ودوره الريادي وتنهي الحالة القائمة مع التأكيد بأنّ كلّ من يتخلى عن القيام بواجبه المفروض عليه بقسمه ودستور حزبنا، يتحمّل المسؤولية أمام القوميين وأبناء شعبنا. مع التذكير دائماً بأنه ما من شكليات تعلو فوق مصلحة الحزب ووحدته وعزته وكرامته ومصلحة سورية المتمثلة بحضوركم وممارسة حقكم الدستوري.