اغتيال أنطون سعاده صفحة عارٍ من صفحات التّاريخ …
بقلم: ريم ديب / اعلامية مقيمة في ملبورن – أستراليا
أطلق سعاده الفكر السّوريّ القوميّ الاجتماعيّ وفق نظام ٍجديد أعدّه لتأمين مصالح الأمة ورفع مستوى حياتها. لذلك يعتبر القوميون الاجتماعيون أنّ مولد أنطون سعاده هو مولد الفكر القوميّ الاجتماعيّ وحركة النهضة القوميّة الاجتماعيّة.
سعاده هو القائد.. الزعيم.. البطل.. الشهيد. إنّها صفات يشاركه بها المئات عبر التّاريخ لكنّ سعاده لم يكن كذلك وفقط. سعاده كان الفكر المفكّر والأديب الناقد، والفيلسوف.. وهذا ما يفسّر سرّ بطولة استشهاده.. وعظمة قيادته.. ومبعث قوّة شخصيّته.. وفصاحته الخطابيّة.
لقد نجح سعاده فيما فشل غيره من أولئك القادة وغيرهم لأنّ الوصول إلى السّلطة ليس وحده عنوان النّجاح.. وإنّما النّجاح يكون بترسيخ العقيدة وتجذّرّها واستمرار النّاس في التّوجّه نحوها، وتوسّع انتشارها.. حتّى تعمّ كلّ المجتمع، وتصبح هي الضمان الوحيد للوحدة القوميّة الاجتماعيّة، وتكون السّلطة إحدى وسائلها لتدعيم الوحدة لا غاية بحد ذاتها.. وينتهي النضال عند الوصول إليها. لذلك عمر العقيدة الاجتماعية في ازدياد ويكفينا هذا فخراً.
ويعتبر أنطون سعاده الحزب السوري القومي الاجتماعي دولة الأمة السّورية مصغّرة، وقد نجح سعاده في تطبيق جميع مبادئه على أعضاء حزبه وكلّ المحيطين بهم. وما قبل به مئات الألوف حتّى اليوم سيقبل به مئات ألوف غيرهم ثم ملايين. وهكذا أصبح الفكر القوميّ الاجتماعيّ ركيزة أساسيّة في الدّراسات والمناقشات والمحاضرات حول الوحدة الاجتماعيّة، والوحدة القوميّة.
وبالرّغم من الإمكانيّات المحدودة والزّمن الذّي أتيح له والمصاعب والمعاكسات المحليّة والدّوليّة الّتي واجهها الحزب ومن حيث تقديم سعاده دمه وجسده من أجل انتصار قضيّته… تبرهن لنا في أنّ سعاده نجح، ولم يفشل.
نحن أمّة تحبّ الحياة وتعشق الحريّة ولا تهاب الموت. وكلّنا نسير على خطى الزّعيم الّذي كان قدوةً لنا حين قدّم الدّماء الّتي تجري في عروقه ليعيد لهذه الأمّة أمانتها الّتي سرقت منها، فكان موته شرطاً لانتصار عقيدته.
لم يُعتقل سعاده وهو فارّ، لم يُعتقل سعاده وهو مختبئ، بل ذهب سعاده إلى المخاطر الأشدّ، بتصميمٍ قويّ، وعزيمةٍ صلبة لعلّه ينقذ الثّورة والحزب. ومن هنا يظهر لنا تميّز الثّامن من تمّوز.. هنا تبرز الشّهامة في وجه الغدر.. والفروسية في وجه المؤامرة.. وهنا يتجرّد الإنسان من ذاته من أجل القضيّة.
لقد كانت ثورة تمّوز ثورة قوميّة للردّ على نكبة فلسطين، ومن أجل وحدة الأمّة وقوّتها وسيادتها وحريته.
لذلك وبعد مرور واحد وسبعين عاماً على استشهاد سعاده، ما من خيار أمامنا إلّا الاقتداء بثورة تّموز لمواجهة الإرهاب والتطّرف ولمواجهة المؤامرة الصّهيونيّة الدّوليّة على أمّتنا واستعادة حقوقها المغتصبة.