نداء الزعيم الى الأمة السورية في أول أيار 1949
أيها العمال والفلاحون السوريون!
يا أصحاب الفنون والحرف!
أيها المنتجون علما وفكرا وغلالا وصناعة!
أنتم أوردة الحياة وشرايين القوة في جسد الأمة السورية الحي . أنتم الأمة خلقا وانتاجا وتشييدا ، ولكن خلقكم مندثر وانتاجكم مبعثر وعمرانكم مهدم في الوضع اللاقومي – اجتماعي الذي ساد البلاد قرونا عديدة قبل ظهور النهضة القومية الاجتماعية.
ما أعظمكم تعملون نهارا وليلا ، تصنعون الآلات التي تزيد الانتاج الصناعي وتحرثون الأرض وتزيدون الانتاج الزراعي وتبدعون البدائع وتخططون الخطط للتمدن والحياة الجيدة.
وما أعظم صبركم على الرأسمالي الذي يحول الآلات التي تصنعون بصبركم ومهارتكم ضدكم ، ينتزع سلاحكم من أيديكم ويرده ضدكم ، وما أشد صبركم على الاقطاعي يجمع الخيرات التي تنتجونها بعرق جباهكم ليحتكرها ويحرمكم حق الحياة ! وما أعظم جلدكم تجاه السياسي الشخصي الذي يصير شارعا تجاريا يبيع نتاج فنونكم وحرفكم للشركات الأجنبية الرسمال ، التي تقيم سلطانها الاستعماري في أرضكم .
وما أحقر الحياة التي تحيونها بالكدح والشقاء ، الأمراض تساوركم والاعياء يلازمكم والازدراء يحدق بكم ، فكأنكم عبء على الحياة والحياة تفيض من درّ معاولكم ومطارقكم !
هذه هي حالكم : تنشؤون الخير ليتمتع به الاقطاعي من دونكم أنتم ، وأنتم معظم الشعب ، وتبنون وتصنعون ليتاجر ببنيانكم وصناعتكم الراسمالي النهم وتشيدون العظمة لتجازوا بالحقارة . انها حال يجب ان يوضع لها حد وان تتغير .
من هذه النقطة الانطلاقية ابتدىء البحث في كيفية وضع حد للحالة السيئة وايجاد حالة جديدة تحل محلها . وكثيرون هم الذين يريدون ، في هذه الأيام ، أن يهتموا بالعمال والمزارعين في الدرجة الأولى ، وأن يعملوا على تغيير حالهم ، ولكنهم ليسوا كلهم مدفوعين بأنين هذا الشعب وشقائه ، فكثير منهم هم من للذين ” يعرفون من أين تؤكل الكتف ” فليس أنين الشعب دافعا لهم للاهتمام بشؤون العمال والمزارعين ، بل يدفعهم الى ذلك العد وحساب الأرقام وبكلمة أخرى ، ان اهتمامكم هو بكثرة العمال والفلاحين وكسب هذه الكثرة لهم وليس بقضايا الشعب ومشاكل حياة العمال والمزارعين.
انهم لم يشقوا شقاء الشعب ، ولذلك لا يفهمون الشقاء ، ولم يحيوا حياة القضايا القومية ولذلك لا يفهمونها . انهم يعيشون عيش القضايا الخصوصية – المنافع والمآرب ، فلا يدفعهم الى العمل والاهتمام الا اسباب ذلك العيش ورغباته . قضايا العمال والفلاحين واصحاب الفنون والحرف هي واسطة لقضاياهم الخصوصية ، فهي عندهم كقضايا القرويين عند المرشحين للنيابة يهتمون ليكسبوا اصواتهم أو تأييدهم وليصيروا من أصحاب النفوذ السياسي بواسطتهم .
وتهتم دول اليوم بقضايا العمال والمزارعين وأرباب الفنون والحرف في بلادنا ، واحدى هذه الدول تتخصص بالاهتمام بالعمال في جميع الأمم والدول ، متبنبة قضية العمال في العالم كله ، والدول الأخرى تتدخل الآن في قضايا العمال في الدول والأمم جميعها مقاومة لتدخل الدولة الأولى . ليست الدول أقل استغلالا لقضايا الجماعات والطبقات من الأفراد الرسماليين والاقطاعيين . وانه ليمكن القول ان الاقطاع الاقتصادي السياسي والرسمالية المجحفة قد صارا دوليين ، فقد حلت بعض الدول في موارد العالم ومواده الأولية ، محل العائلات الاقطاعية في موارد الأمة ومواد الوطن الأولية ، ومحل الرسمال الفردي بالنسبة الى الانتاج والأسواق الأنترنسيونية.
تحتم هذه الحقيقة وجوب وعي العمال والمزارعين لقوميتهم ووحدة حقوق أمتهم ووحدة مصيرها ، لوحدة موارد شعبهم الطبيعية ووحدة انتاجهم القومي ، كمية ونوعية وقيمة . ويجب أن يعلم العمال السوريون في جميع الدول السورية ان العمال في الدول الاقطاعية والرسمالية الانترنسيونية هم عمال اقطاعيون ورسماليون انترنسيونيا . فليست حكومة العمال في فرنسل أو بريطانيا العظمى أقل تمسكا بموارد الامبراطورية من الحكومات المحافظة . وليست الشيوعية عينها سوى اقطاعية عمالية سياسية انترنسيونية تزاحم الاقطاعية الانترنسيونية وتنازعها النفوذ والاستيلاء على المواد الأولية في العالم.
الشيوعيون الانترنسيونيون انفسهم القائلون باللاقومية واللاوطنية ، من لانن ( لينين ) وترطسكي الى ستالين وتشيترين وملطوف ، اضطروا الى اعتماد أمتهم الروسية في صراعهم الطبقي ، ولم تنجح الشيوعية الا بكونها قومية روسية وانترنسيونية صقلبية ، وفي الانشقاق النهائي بين الشيوعية الترطسكية والشيوعية الاستالينية تغلبت هذه بقوميتها على تلك بعالميتها . ولكن الانترنسيونية بقيت عنصرا عاملا في الشيوعية الروسية التوسعية لتبقى موسكو المرجع الانترنسيوني لجميع الفروع الشيوعية في العالم ، سواء أكانت المؤسسة المسكوبية تدعى كومنترن أو كومنفورم.
ان ما يسير الشيوعية اليوم في جميع الامم والدول هو مقررات موسكو الروسية ، ومهما قيل عن اشتراك مندوبين شيوعيين وعماليين من أمم أخرى في مقررات الكومنترن أو الكومنفورم ، فهذا لا يخرج عن كونه مماثلا لاشتراك الدول الصغرى في منظمة الأمم المتحدة أو سابقتها جمعية أو رابطة الأمم ، أو مماثلا لاشتراك جزائريين وسنقاليين في البرلمان الفرنسي واعطائهم عضوية الدولة الفرنسية . فالقوي يسيطر على الضعيف في جميع هذه الأشكال السياسية ويقوده الى ما يريد . والارادة الشيوعية الروسية هي التي تقرر وتفرض وجهة نظرها على الحركات الشيوعية في جميع أنحاء العالم .
تتشابه الاقطاعية الشيوعية السياسية والانترنسيونية والاستعمارية الرسمالية الاقتصادية الانترنسيونية في الأهداف والنتائج : الاثنان ترميان الى الاحتفاظ بتفوقهما وسيطرتهما الانترنسيونيين تجاه الأمم الأقل عددا وقوة وموارد . والاثنتان تقتطعان أو تستعمران الأمم التي ليس لها من القوة ما يمكنها من حفظ استقلالها في شؤونها وأهدافها . الاقطاعية الشيوعية تنادي بالانترنسيونية وتهديم القومية والوطنية ، والاستعمارية الرسمالية تنادي أيضا بالانترنسيونية والسلام العالمي الدائم والدولة العالمية ، وهدف الاثنين السيطرة المطلقة النهائية ، على شؤون العالم ومنع الأمم المؤهلة للنهوض والارتقاء وبلوغ القوة الفاعلة من ادراك غايتها ومنازعتها السيطرة على موارد تلك الأمم وعلى موارد العالم الأولية.
ليست الشيوعية حركة ذات أهداف اقتصادية اجتماعية . انها اليوم حركة ذات أهداف سياسية في المنازعات الانترنسيونية . تسخر الاحزاب الشيوعية في العالم لتحقيق أهداف روسيا الشيوعية في نزاعها مع المانيا الفاشية أو الاشتراكية القومية أولا ، ومع بريطانيا وأميركا الرسماليتين ، أخيرا ، فالصراع الذي يقوم به الشيوعيون في سورية وفي جميع الأمم مقادين وموجهين بتعليمات موسكو هو صراع لم يعط العمال في هذه الأمم اية فائدة اجتماعية ، في حين انه نصر روسية الشيوعية واعطاها السيطرة على أمم ، بعضها تحرر من السيطرة الروسية سابقا وبعضها لم يكن تحت هذه السيطرة…
أيها العمال والفلاحون السوريون ، ان الدعوة التي توجهها الشيوعية اليكم لتنبذوا قوميتكم وتنكروا وطنكم ، هي دعوة اليكم للتنازل عن سيادتكم ، عن الموارد عينها التي لا يمكن تأمين خيركم الا بحفظها واسترجاع ما فقد منها وزيادتها ، فلا يمكننا ان ننهض الا بانتاج عظيم ولا يمكننا ان ننتج بلا موارد للانتاج ، وبلادنا غنية بمواردها ، خصبة بأرضها ، ولكن انعدام الوعي القومي في شعبنا أفقدنا معظم مواد أرضنا الأولية الهامة.
فهناك بترول الموصل ومنطقة الجزيرة وبترول النقب السوري ، وهناك أملاح البحر الميت التي وضع اليهود أيديهم عليها ، وهناك أراضي كيليكيا والاسكندرونة وفلسطين الخصبة التي انتزعت من السيادة السورية . وجميع هذه المواد الأولية هي ضرورية لأنشاء صناعتنا وزرع مزروعاتنا وانتاج ثروتنا القومية التي لا يمكن بلوغ الرفاه والخير العميم بتجريدنا منها .
ان توزيع القلة والفقر بالتساوي لا ينقذنا من الاعياء والوهن والشقاء مهما كان في هذا التوزيع من العدل . فالقومية والموارد الوطنية هي اساس اجتماعيتنا ، وان ما ينقذنا من الاعياء والوهن والشقاء هو قوميتنا الاجتماعية ، هو وضع مواردنا تحت سيادتنا فيكون لنا الانتاج العظيم بعملنا ويكون لنا الخير والهناء ، بتوزيع الانتاج القومي الاجتماعي توزيعا عادلا . ان صراعنا القومي الاجتماعي ، ايها العمال والمزارعون ، هو صراع مزدوج انه صراع ضد الاقطاعي والرسمالي الوطنيين المتحالفين مع الاقطاع والرسمال الانترنسيونيين ، وضد الاقطاعية الشيوعية السياسية و الاستعمارية الرسمالية الاقتصادية اللتين تحرماننا حق التقدم الاقتصادي بمحاولتهما تسخير مجهودنا لأغراضهما .
لا يمكننا ان نحل قضية العاطلين عن العمل بقانون ضمانة اجتماعية يضمن لنا بعض الحقوق القليلة ولكنه لا يضمن لنا مواردنا الطبيعية ولا حق العمل .فالعاطلون عن العمل هم عمال ويجب أن يجدوا عملا وان يقوموا بنصيبهم من الانتاج . ولكن كيف يجدون العمل وأين ، وقد سهل الاقطاعيون الرسماليون المواطنون للاقطاعية والرسمالية الأجنبيتين التسلط على مواردنا الطبيعية ونزع حقنا في استثمارها لمصلحتنا وايجاد العمل فيها لألوف والوف من عمالنا العاطلين عن العمل ؟
وماذا يفيد عمالنا الانضمام الى الشيوعية الروسية التي تستخدمهم وقيدا في حربها السياسية ضد بريطانيا العمالية واميركانية الرسمالية فيكون صراعهم وقفا على اهدافها هي وتكون نتيجة صراعهم لها هي ؟
ايها العمال والمزارعون السوريون ، ان أول حق من حقوقكم الطبيعية والاجتماعية هو حق العمل والانتاج . وبدون وصولكم الى هذا الحق تبقى مسألة الاجور وقوانين العمل وقوانين الضمانة الاجتماعية مسألة وهمية ، فقوانين العمل والضمانة الاجتماعية لا تحل مشكلة البطالة ولا مشكلة الفقر العام . والتنظيم الشيوعي للحرب بين الصكالبة والانكلوسكسون لا يحل هاتين المشكلتين ، فهما لا تحلان الا بمبدأ حق العمل الذي أقرته التعاليم القومية الاجتماعية وحق العمل يعني حقنا في مواردنا – ارضنا ونباتها ومعادنها . والشيوعية التي توافق على خروج أرضنا من ايدينا الى اليهود ولا تفرق بين عمال سوريين ، يتساقطون بالمرض والفقر والبطالة والحرمان ، وعمال يهود يغتصبون موارد العمال السوريين – الشيوعية التي توافق على هذا الظلم ، بحجة ان العمال سواء عندها لا فرق بين سورييهم ويهودييهم ، وتقول للعمال السوريين ان أهم قضية ليست قضية وطنهم وموارد عملهم وحياتهم ، بل قضية النزاع بين الجبهة الصكلبية والجبهة الانكلوسكسونسة ، هذه الشيوعية الخرقاء هي مبدأ ممخرق وشعوذة كبيرة ، فهي لا تؤمن لكم ، ايها المنتجون السوريون ، حق العمل . بل تسمح بتجريدكم منه ثم تستغل نقمتكم وتسخركم لأغراض دولتها الكبرى .
لا يعطيكم حق العمل غير قوميتكم الاجتماعية لأنها تعطيكم أرضكم وخيراتها ، ولا ينقذكم من الذل والشقاء ومن التسخير لما ليس في مصلحتكم الحقيقية الا الحركة القومية الاجتماعية . ان الحركة القومية الاجتماعية تعمل وتحارب لتأمين الأرض السورية ووحدة مواردها لكم واعطائكم حق العمل وحق النصيب منه فالقومية الاجتماعية تعني توزيع غنى لا توزيع فقر ، فاطلبوا العدل الاجتماعي في غنى النهضة القومية الاجتماعية .
ايها المنتجون القوميون الاجتماعيون ، ان القضية القومية الاجتماعية هي قضيتكم . هي تؤمن لكم وحدتكم القومية وعدم تسخيرها للأغراض الأجنبية وتؤمن لكم الأرض وخيراتها . وتؤمن لكم العدل الاجتماعي باعطائكم حقوقكم في العمل وفي نصيبه في نهضة صناعية زراعية – فنية تجعل وطنكم يفيض خيرا وصحة .
ان الحركة القومية الاجتماعية هي حركتكم انتم ، أيها المنتجون ، لأن الدولة القومية الاجتماعية لا تعترف بغيركم البطالين والمستغلي أتعابكم.
تعالوا نكن يدا واحدة عاملة ومحاربة للنال حقوقنا المهضومة ، التي هضمها الرسمالي الجشع والاقطاعي النهم وهضمتها الاقطاعية الشيوعية والرسمالية الاستعمارية . نحن لا نريد حقوقنا منة من اقطاعي أو رسمالي . اننا نريدها استحقاقا بعملنا وحربنا . انبذوا الشعوذة والتدجيل ، اطرحوا عنكم الرسماليين المتاجرين باتعابكم الذين يترأسون جمعياتكم ونقاباتكم بواسطة خونة قضيتكم القومية الاجتماعية .
انزعوا عن رقابكم سيطرة الاقطاعيين الذين يتظاهرون بالمطالبة بحقوقكم ليبعثروا مجهودكم ، اقصوا الشيوعيين الذين يستغلون سوء حالكم ليسخروكم لحرب ليست حربكم .
كونوا قوميين اجتماعيين وحاربوا في سبيل قضيتكم القومية الاجتماعية التي تحرركم من الاقطاعية والرسمالية الأنترنسيونية .
آمنوا واعملوا وحاربوا ، تنصروا.