منفذية بيروت تحيي ذكرى استشهاد باعث النهضة في مسرح المدينة باحتفال حاشد
العميد داليدا المولى: محاكمة سعاده الصوَرية سجّلت للتاريخ أنّ قضاء لإحقاق العدالة تحوّل أداة للاغتيال
ـ لا حلّ لمشاكل لبنان إلا بسياسات قومية واضحة
ـ نعمل اليوم عبر وحداتنا الحزبية في لبنان والشام على دعم عودة أهلنا النازحين ومواكبتها وتسهيلها بالتنسيق مع القوى الداعمة لهذا التوجه
– ندعو لتعزيز العلاقات والعمل المشترك بين المؤسسات الرسمية في لبنان والشام عبر تفعيل معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق
ـ أيها القوميون أنتم التعبير الحقّ عن عظمة هذه الأمة وقدرة توحّدها على تغيير تاريخ أرادَه قتلة سعاده إملاء من الخارج وأردتُموه تاريخاً مستقلاً ينبضُ بسيادتكم
سناء سعادة: عقيدتنا هي الخلاص من كلّ المحن التي تواجه الأمة والوطن
خواجة: أنطون سعاده حي وكبير في الأزمنة كلها وحاضر في حزبه ووطنه وأمته
الموسوي: الحديث عن أنطون سعاده حديث عن قيم الأمة وأمجادها وكلّ انتصاراتها
أقامت منفذية بيروت في الحزب السوري القومي الاجتماعي احتفالاً في مسرح المدينة بمناسبة ذكرى استشهاد باعث النهضة أنطون سعاده، بحضور رئيس الحزب حنا الناشف ونائبه وائل الحسنية وعدد من العمُد وأعضاء المجلس الأعلى والمكتب السياسي والمسؤولين ومنفذ عام وأعضاء هيئة منفذية المتن الجنوبي وهيئة منفذية بيروت وجمع من القوميين والمواطنين.
كما حضر النائبان محمد خواجة ود. إبراهيم الموسوي وعدد من ممثلي الأحزاب والهيئات.
بدأ الاحتفال بالنشيدين الوطني اللبناني والسوري القومي الاجتماعي، ودقيقة صمت تحية لشهيد الثامن من تموز وشهداء الحزب والأمة. فتمّ عرض وثائقي بالمناسبة.
تقديم وتعريف
قدّمت الاحتفال ريم زيتوني بكلمة جاء فيها: تمّوز، فخرُ تضحياتنا وخزي خياراتهم
مذّاك نرتشِفُ النّصر حرباً بعد حرب وأقصى ما يفعلونهُ تقديم الشّاي ذُلّا أو القهوة في جلسة خيبة.
مردودةٌ قهوتُكُم على كُلِّ حال، رُدّوا عنّا انتصاراتنا إذا استطعتُم.
باسم حزب أعضاؤهُ شجاعتُهُم “جنونيّة”، أحرارٌ بنظام، نخوةٌ، قدرةٌ، متغلغلون في جسد الحياة وروحها وفي كُلّ مكان. جهازٌ بكبسةِ سرّ تنبعثُ تيّاراتُه لتُحرق، لتُحرِّك، لتُنير.
نبتدئ: تحيا سورية.
أنطون سعاده، ذاكرة المستقبل.
في تموز المتجدد فداءً، نعتلي منبر التضحية على مذبح الوطن لنجزم: إنّ وقفة عز واحدة لهي أكبر من آلاف الأصوات الخرساء.
لا تَعِدونا بالقتل!
سيمُرُّ ألف عام، ثمّ ألفٌ بعد ألف، ثمّ ألف موت وقيامة، ثمّ موتٌ وقيامة، ومن ثُمّ موتٌ وقيامة قبل أن يرفع ابنُ آذار رايةً بيضاء.. قبل أن يرفع شهيدٌ واحدٌ رايةً بيضاءَ واحدة.. لا راية بيضاء فوق سورية!
هذا الشّهيدُ، وما أدراكُم من الشّهيد..
الشّهيدُ زعيمي، الشهيدُ رفيقي زوّادتُه العقيدة، بيتُهُ بعض الحصى ورأسُماله السّلاح.
الشّهيدُ رفيقي، ها دمُهُ في كُلّ مكان.
هات ثوبه المعجون بالتراب والدخان،
هات يدهُ من قاسيون ترمي،
هات نعلهُ في فلسطين داس رؤوس متدحرجةً خانعة،
هات روح أدونيس خوري وثقافة العوّاد ودهاء أيهم الأحمد ..
هات حنكة ثائر بلّة وعقدنة صبحي العيد، هات ضحكة أدونيس نصر وخُذ قلوباً ملؤها الإيمان بكُلّ حقّ، وحياةً لا نبغي فيها سوى كُلّ حُسن وخير وجمال ..
خُذ ديناً جديداً يرتفع من الأرض للسمّاء، ملائكته شهداء، وكتابُهُ المُقدّس نهجُ الصّراع.
في الميدان أقدام لا ترتقي إليها الكثير من العقول. فتحيّةٌ من منبر ذكرى استشهاد سعاده لنُسور الميدان، صُنّاعُ مجد سورية.
منفذية بيروت
ألقت كلمة منفذية بيروت سناء سعادة ومما جاء فيها: نجتمع الليلة لإحياء يوم الفداء، إنه الثامن من تموز يعود إلينا من جديد، رغم أنه لم يغب ولن يغيب عن بالنا منذ العام 1949 لا بل شكّل هذا اليوم لكل السوريين القوميين الاجتماعيين منعطفاً ومفصلاً.
أعطى لحياتنا معنى عظيماً، ثبت إيماننا، قوّى عزيمتنا، شدّ أزرنا فولّد بناءنا العقائدي.
علمنا صدقية الالتزام، عمق الإيمان، صلابة البطولة.
نعم يا زعيمي كنت لنا وما زلت معلماً هادياً منذ أن أرسيت ألف باء العقيدة، لتغدو معلماً قدوة عندما سطرت بالأحمر القاني كل معاني البطولة.
انطلقنا معك وعبرك ومن خلالك إلى الحرية، الحق، أحببنا الحياة الجديدة خاصةً متى كانت مضرّجة بقدسية الشهادة.
“أنا أموت أما حزبي فباق” كلماتٌ ردّدتها قبل استشهادك.
نعم يا معلمي حزبك باق وهو الضمانة والوسيلة الأكيدة لفلاح القضية.
أما العقيدة أساس البناء وجوهر القضية أثبتت في الماضي وتثبت اليوم وستثبت في الغد أنّها الدواء والمعين والخلاص لكلّ المحن والمصاعب التي اعترضت وتعترض الأمة والوطن، فالأمراض المجتمعية التي واجهتنا في القرن الماضي أصبحت أمراً سهلاً وعادياً أمام الأمراض التي تواجهنا اليوم. من العراق المقسّم دويلات طائفية واثنية إلى الشام الممانعة في وقت أصبح التطبيع لا بل العمالة وجهة نظر. وها هي فلسطين المحتلة تعاني منذ إعلان دولة الكيان اليهودي الغاصب، فشعبنا يواجه بالسواعد والقبضات والإرادة آلات القتل الموجّهة عن بُعد كما عن قرب من قبل يهود الخارج وأحياناً كثيرة بدعم وهمس ووشوشات يهود الداخل.
نعم يا زعيمي، إن العقيدة التي أرسيت تشكل الدواء الوحيد لكل تلك الأمراض الخبيثة من طائفية وإثنية وعرقية يستغلها الغرب ويلعب على وترها كل ساع للتفرقة وتشتيت الهوية وسرقة مقدّرات الأمة والوطن.
في الثامن من تموز يوم الفداء، نرفع الصوت عالياً بأن حياتك يا زعيمي الذاخرة بالأعمال والأفعال، واستشهادك المجبول بوقفات العز بركانٌ متأججٌ على الدوام.
وقالت: الى اهلنا في بيروت نقول: كما كنا إلى جانبكم في ايام المحن والشدائد يوم اجتاحت “اسرائيل” بيروت وكان لنا خالد علوان، فسنكون الى جانبكم في هذه الأيام رغم التحديات التي تواجهنا.
سنعمل معاً من أجل عودة اهلنا (النازحين) عودة طوعية. ونقول النازحين لأننا نحن لا نعتبرهم لاجئين، لأن لا لاجئ سورياً على أرض سورية.
سنعمل معاً لتخفيف هذا العبء الناتج عن النزوح مع جميع الحلفاء الذين يعملون معاً على عودتهم. ونقول لأهلنا في بيروت سنعمل على عودة بيروت عرين المقاومة ومنبع الصمود.
حركة أمل
والقى النائب محمد خواجة كلمة حركة أمل ومما جاء فيها:
يروي الكاهن إيليا برباري بعض ما حدث في ليل الثامن من تموزعام 1949 ويقول “إنه حين سأل الزعيم أنطون سعاده عن مدى استعداده للاعتراف الكنسي، أجابه: بأنه لم يقتل، لم يسرق، لم يدجل، لم يخن شعبه أو وطنه أو أمته فعلام الاعتراف؟!” ويروي كيف تعامل الزعيم أنطون سعاده مع الساعات القليلة قبل استشهاده بجرأة ببطولة بتحدّ برأفة، إلى حد أنه هدَّأ من روع قتلته، تعامل مع إعدامه، مع استشهاده كما كان يدعو إلى وقفة العز والعنفوان والكرامة والإباء القومي.
أمام هذه المشهدية، مشهدية تلك الليلة المشؤومة، التي قال عنها سعاده “إن التاريخ سوف يخجل مع أحفادنا من هذه الليلة”.
أمام هذه المشهدية التي تمزج بين البطولة والتحدّي والعنفوان والحزن يُحار المرء من أين يبدأ الحديث عن شخصية بقامة أنطون سعاده.
عن أنطون سعاده القائد السياسي، القائد الحزبي، عالم التاريخ والاجتماع، أم المفكر والفيلسوف، أم المتقن خمسَ لغات عالمية نصاً ونطقاً. الحديث عن أنطون سعاده ليس مسألة يسيرة.
أنطون سعاده، الذي ترك مخزوناً فكرياً كبيراً لا يزال حتى الآن حزبه وكل محبيه ومريديه على امتداد بلاد الشام يغرفون من هذا المخزون.
كيف نتحدّث عنه وهو الذي قارب في حياته المسائل المطروحة كلها تقريباً من الماسونية إلى الاشتراكية إلى القومية إلى العدالة الاجتماعية إلى مسائل فلسفية لها علاقة بالقول وبالخلق وغيرها من المسائل.. كيف؟
يُقال إن أنطون سعاده ترك الكثير، ولكن بتقديري إن أهم ما تركه أنطون سعاده والذي تحوّل بوصلة لحزبه بعد استشهاده هي فلسطين التي احتلت مركز الصدارة في عقله وفي وجدانه وفي ضميره وفي قلمه وفي حنجرته.
أنطون سعاده، يسجَّل له أنه من أوائل الذين حذّروا من الخطر الصهيوني. وقد يكون الأول فقد كتب في جريدة الجريدة الصادرة في الأرجنتين في العام 1921 وكان عمره آنذاك لا يتعدى السبع عشرة سنة كتب عن المشروع الصهيوني وحذّر من ضياع فلسطين وهذه تسجل له كنظرة أو كرؤية استشرافية استراتيجية بعيدة المدى ومنذ ذلك التاريخ حتى استشهاده لم يكلّ.. يوماً عن فلسطين وحبّ فلسطين والكتابة عن فلسطين.
أنطون سعاده لم يكتفِ بنظر المفكر الاستشرافي بل كان قائداً بكل ما تحمل الكلمة من معنى رغم عمره القصير الذي قضاه بين السجن والمنفى والمهاجر وبلاد الشام والوطن.
أنطون سعاده لم يكتفِ بالكلام، لم يكتفِ بالحرف، لم يكتفِ برفع الصوت، بل دعا لمقاومة المشروع الصهيوني بالقوة، لأن هذا المشروع قائم على القوة وحين اشتدّ الخطر على فلسطين في العام 1947 وفي العام 1948 ناشد الزعماء والمسؤولين العرب “إذا كان هناك زعماء حينها”، أن يسلّحوا القوميين لينخرطوا في عملية الجهاد والنضال الدائرة على أرض فلسطين، بل أن يسلّحوا كل الثوار أينما كانوا كي يدافعوا عن أبناء جلدتهم في فلسطين، ولكن للأسف الشديد نقول إن أولئك المسؤولين لم يستجيبوا لدعوته.
ولنخرج من الأمس وندخل في حاضرنا، فماذا نقول لأنطون سعاده في عليائه عن وضعنا البائس اليوم؟..
إذا ما قارنّا بين الأمس واليوم، نجد أننا في وضع أسوأ، لقد انتقل بعض العرب من حالة التخلّي عن المسؤولية وتسليم فلسطين إلى حالة التآمر المكشوف المباشر على قضية فلسطين. ونرى ذلك في هرولة دول ومسؤولين باتجاه التطبيع وإقامة العلاقات والاعتراف والمساعدة للمشروع الأميركي الصهيوني على شطب القضية الفلسطينية وإلغاء كل حقوق شعبها.
هذا حالنا اليوم مع وصول ترامب إلى سدة الإدارة الأميركية حيث اشتدّ الخطر الذي كان قائماً قبله، ولكن لأول مرة نشهد تماهياً كاملاً بين الرؤية الأميركية لقضية فلسطين وموضوع الصراع في المنطقة مع المشروع والأهداف الصهيونية بالكامل. وهنا مكمن الخطورة. وقد بدأ الجليد يذوب عن رأس جبل ما يُسمّى بصفقة القرن أو صفقة العصر لا فرق. بدأ الذوبان من الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة موحّدة وأبدية لـ”إسرائيل” وصولاً إلى نقل السفارة وبالقانون العنصري الذي أقّره الكنيست “الإسرائيلي” مؤخراً والمتمثل بيهودية الدولة الصهيونية.
من هذا المشهد نرفع الصوت لنقول ما أحوجنا اليوم إلى فكر أنطون سعاده، وإلى فكر السيد موسى الصدر، وإلى كل العظماء الذين مروا في تاريخ هذه الأمة. ونتأكد أكثر أن لا خيار لنا سوى المقاومة ولا يمكن أن نردّ هذا الخطر إلا بالمقاومة.
ونحن اليوم في تموز شهر الانتصارات من حقنا أن نفاخر في لبنان، أن نفاخر نحن في حركة أمل، نحن في حزب الله، نحن في الحزب السوري القومي الاجتماعي، نحن في كل فصيل مناهض ومعاد لـ”إسرائيل” بأننا في هذا البلد الصغير رغم قدراتنا المتواضعة ألحقت مقاومتنا في لبنان قبل اثني عشر عاماً أن الهزيمة المرّة بالعدو “الإسرائيلي”، ومَن لا يريد أن يصدق من اللبنانيين والعرب أحيلهم إلى الفقرة 17 من تقرير فينوغراد الذي يقول حرفياً “إن الجيش الأقوى في الشرق الأوسط عجز عن إخضاع بضعة آلاف من المقاومين. لذا، يحق لنا الفخر بالمقاومين الأبطال. خيارنا الوحيد هو أن نبقى على تماسكنا ووحدتنا الوطنية على مستوى لبنان ووحدة المواقف العربية التي لا تزال مناهضة لـ”إسرائيل”. من هنا لا يمكن أن نكون إلا مع فلسطين وضد مشروع التخلي عن فلسطين والقدس..
نحن لن نكون إلا مع مشروع تحرير فلسطين. هذا واجب علينا وواجب على كل المناضلين والمجاهدين وعلى كل الأحرار في لبنان وفي فلسطين وفي كل بقعة من هذا العالم يشعر أهلها بالحرية والانتماء إلى الإنسانية.
أما في ما يتصل بوضعنا الداخلي، فلا يبدو أن هناك مؤشرات سريعة لولادة حكومة، كما ظنّ اللبنانيون. لا بل هناك مجموعة من العقد ولكننا لم نسمع أحداً يتحدّث عن العقدة المتصلة بمصلحتنا الوطنية.
كيف يمكن أن نستمر ونواجه هذا الكم من المشاكل والصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي نئن تحت وطأتها جميعنا.
بالطبع لن يأتي الفرج على يد الحكومة المأمولة، حيث إن الحكومات تتشكل منذ خمسة وعشرين عاماً ولم يتغيّر الواقع. من هنا أقول في هذه المناسبة إن الأهم من تشكيل الحكومة هو إعادة النظر في كل السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي اعتمدت خلال ربع القرن الأخير والتي قامت على فكر الاستدانة والريع ونطالب الحكومة العتيدة التي ستولد يوماً بوجوب انتهاج سياسة إنتاجية قائمة على تفعيل وتقوية الصناعة والزراعة والخدمات وتشجيع المهن الحرة والأعمال الحرفية. هذا النوع من الأعمال الذي ينتج اقتصاداً. ومن غير الممكن أن يقوم الاقتصاد على بيع قطعة أرض من هنا وقطعة أرض من هناك.
ونطالب الحكومة المقبلة بضرورة معالجة المسألة الحيوية الكبرى المتصلة بإخوتنا النازحين السوريين مع كامل احترامي لمبدأ الأمة الواحدة، ولكن من الصعب الاستمرار على هذا النحو في بلد مثقل بالمشاكل، حيث إنه لم يعد قادراً على التحمل.
عندما كانت الظروف في سورية ظروفاً صعبة لم نتكلم عن هذا الموضوع إطلاقاً. إنما اليوم بعدما نجح الجيش السوري وحلفاؤه وكل الوطنيين في سورية وفي العالم العربي بإلحاق الهزيمة بمشروع التآمر على سورية، بعدما نجحنا في ذلك، من حقنا أن نقول تعالوا لنضع استراتيجية حقيقية عملية تقوم على كرامة الأخوة السوريين بالدرجة الأولى. ان حلّ هذه المعضلة الكبيرة لا تتم إلا من خلال التعاون والتنسيق الكامل مع الحكومة السورية بكل المجالات. فالمعاندة والمكابرة التي كانت سائدة منذ سنوات مرفوضة بالكامل اليوم. إن الحكومة السورية والجيش السوري هم قادة سورية الحقيقيون وهم الذين انتصروا بمعونة كل الشعب السوري أو كل المخلصين من الشعب السوري فلتفتح كل قنوات الاتصال من أجل مصلحة لبنان أولاً وسورية ثانياً. وموضوع التنسيق مع سورية يعود بالخير الكامل على لبنان قبل سورية أكان في قضية النازحين أم في قضية المعابر. كيف نصدّر صادراتنا إلى الخارج من أين؟ لقد جربنا الجو وجربنا البحر وفشلنا خاصة أن السلع لدينا غالية ولا تستطيع المنافسة أساساً.
اليوم، ينتشر الجيش السوري تقريباً على كامل الحدود مع الأردن بعدما انتشر على جزء كبير من الحدود مع العراق والأردن. لنا منفذان أساسيان للاتصال مع العالم الخارجي عبر سورية لا سيما العالم العربي، فكيف يمكن أن نستفيد من التحول الميداني الذي حدث إذا أدرنا الظهر وبقينا مصرّين على المعاندة، بأننا لا نعترف بالحكومة السورية. مَن يعترف أو لا يعترف بالدولة السورية هم السوريون أنفسهم، وليس أي طرف آخر، وبخاصة أن الحكومة السورية والدولة السورية والجيش السوري يقتربون من لحظة إعلان خطاب النصر والمشهد أمامنا واضح، وإنّ كل المجريات تدلّ على أن الأمور ذاهبة في هذا الاتجاه.
نختم بالقول: بعد سبعة عقود على استشهاد انطون سعاده أين هم القتلة؟ هم في مجاهل التاريخ مطمورين بالتراب، أما أنطون سعاده فلا يزال حياً في كل من أحبّه واعتنق فكره وآمن بمبادئه.
أنطون سعاده حي في حزبه، الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي نفاخر نحن في حركة أمل أننا منذ الأيام الأولى لتأسيس الحركة قامت شراكة استراتيجية مع هذا الحزب في المجالات كلها.
نحن نفاخر أننا مع الحزب السوري القومي الاجتماعي ومع حزب الله وكل القوى والأحزاب المقاومة في لبنان، لأن المقاومة لا تعرف لوناً ولا طائفة ولا جهة، إنما هي ثقافة وسلوك وممارسة وكل من يعادي “إسرائيل” فهو مقاوم سواء قاوم بالسلاح أو بالقلم أو بالكلمة.
نحن نقول أنطون سعاده انت حي وكبير، كما كنت في حياتك أنت اليوم لا تزال حاضراً في حزبك في وطنك في أمتك في قلوب وعقول القوميين وأشبالهم.
حزب الله
وألقى النائب د. ابراهيم الموسوي كلمة حزب الله وجاء فيها: هو شرفٌ لي أن أقف أمامكم على هذا المنبر، ولكنه شرف دونه مسؤولية كبيرة هذا اليوم أقف أمام ثلة من كوادر ومجاهدي ومناضلي ومقاومي الحزب السوري القومي الاجتماعي، وعلى رأسهم الرئيس حنا الناشف وثلة من المقاومين والمناضلين الآخرين في حركة أمل وكلّ القوى والأحزاب الوطنية والقومية والفلسطينية. وإذا كنا في زمن فيه هذا القدر من المجاهدين والمقاومين فنحن نعيش في شرف عز أنطون سعاده.
أحبّ أن أستحضر بعضاً من الشعر يليق بالمناسبة. ويليق بالرجل. وعندما نتحدث من عندياتنا في كثير من الأمور نتحدّث عن رجال نحسبهم رجالاً، ولكن ثمّة رجالاً في هذا الكون، في هذا العمر، في هذا الزمن، في ذلك التاريخ، في ذلك الماضي، في هذا الحاضر، إلى المستقبل، هم رجالٌ رجال، وليسوا أشباه رجال، وعلى رأس هؤلاء الرجال أنطون سعاده.
ماذا سأقول أخبرتكم عن الشعر استحضرت قصيدة شعرية سحرتني كثيراً، وقلت بأنها تليق بالحزب السوري القومي الاجتماعي، تليق بالزعيم أنطون سعاده، تليق للإمام السيد موسى الصدر، تليق لحركة أمل، تليق لسيد شهداء المقاومة السيد عباس الموسوي، تليق لحزب الله، تليق بكلّ مقاوم لديه إيمان وعقيدة ونهوض وقومية ووطنية وحسّ وبوصلة كبوصلة فلسطين.
ليس أيّ شيء آخر أيها الشبان والشابات، يا كوادر المستقبل مستقبلنا نحن مستقبل أنطون سعاده، نبيه بري، حسن نصر الله، مستقبل المقاومة مستقبل الفصائل الفلسطينية والوطنية وكل مقاوم. وأنا أؤيد كلّ كلمة ألقاها أخي وصديقي وزميلي سعاده النائب محمد خواجة قبلي، لأنّ كلّ إنسان يحمل عقيدة مقاومة فهو اختصر معنى الشرف في هذا الزمن. وهو مقاوم ومجاهد في سبيل فلسطين.
تقول القصيدة:
هُزّ الزمان وقل للنجمةِ اقتربي (لا نصعد إليها نحن بل هي من تنزل إلينا)
وأشعلي الغضب المَوَّارَ بالغضبِ
فتنت هذا الزمان الشيخ وهو فتىً
بوقفة وبصمصام وقلب نبي
وسوف تفتنه ما كنت تلهمه
بما أفاضت عليه عزة القُضُب
بين الحياة وبين الموت بضع خطىً
مشيتها أنت.. لم ترعش ولم تهبِ
أمرتها: ها هنا نفسي فما اضطربت
وسقتها عبر طوفان من اللهبِ
حتى إذا غابت الشمس التي طلعت
أشرقت شمساً على مسودة الحُجبِ
أبناؤك الفلذ العصمّاءُ أصغرهم (هذه لكم يا شباب الحزب السوري القومي الاجتماعي ومن ورائكم إلى كل المقاومين وأنا أقولها وملأ الفخر والعز والشعور الداخل الصميم)
أبناؤك الفلذ العصماء أصغرهم
في مجد أكبرهم يا معدن الذهب
وبين موتك كان الفصح ملحمة
وكنت في الفصح كل النور في الشهب
كل حضور إلى صمت وزائله
وأنت أنت حضورك حضور النور لم يغب
عندما يكون الحديث عن أنطون سعاده عن الزعيم يكون الحديث عن كل قيم الأمة، كل أمجاد الأمة، كل انتصارات الأمة، كل العز الذي نفخر فيه في هذه الأمة.
الأمة القومية، الأمة السورية القومية الاجتماعية، عندما يكون الحديث عنها، يكون الحديث عن الرجالات الكبار النادرين الذين يمرون مرور الشهب في سماء هذا الكون مرّة فيملأونه نوراً كما أشرت قبل قليل لا يغيب.
أنا لا أريد أن أطيل عليكم. فهذه مناسبة، نستطيع أن نتحدث فيها وعنها الكثير وتطول الساعات، ووقتنا ووقتكم قصير وأيضاً إذا كان خير الكلام ما قلّ ودلّ، فسأختصر كلماتي عسى ولعل، فمهما أسقطت ساقية أرغدت وأزبدت فقد حواها البحر منذ الأزل والبحر هو بحر هذه الرجالات الكبار. بحر أنطون سعاده.
أنا سأشير إلى معنى واحد، لأن كل الذين سبقوني وأنا سررت كثيراً بالتقديم الذي قدّمته المعرفة ريم زيتوني وأنوّه بها. هو فخر وشرف كل المعاني التي جئت بها أحفظها هنا في شغاف الروح والقلب. لأننا كلنا أبناء أمة واحدة تعرف معنى المقاومة والجهاد والعزة والكرامة. هو قاموس درسناه سوية صفحة صفحة كلمة كلمة حرفا حرفا. فإذا بنا نصنع نصراً تلو نصر من نصر تموز وشهادة تموز إلى نصر تموز. وكما تفضل زميلي نحن على أعتاب إعلان نصر آخر في سورية في تموز بعد انتصار تموز.
هذا النصر صنعه، وأنا مؤمن بما أقول، هذا نصر آخر صنعه أنطون سعاده لو لم تكن كلماته الخالدات محفورة في وجدان كل سوري قومي اجتماعي تعلّمونها الأطفال والأشبال الموجودين هنا، وكل الشبان الذين ضحوا واستشهدوا وامتزجت دماؤهم.. وفاضت أرواحهم مع أرواح إخوانهم في حزب الله في الجبهات كافة في سورية وعلى الجبهة اللبنانية، لما كان لنا هذا النصر. فبورك الزعيم وبورك الحزب وبورك الشهداء وبورك النصر وبوركت الأمة.
“القومي”
وألقت كلمة مركز الحزب عميدة الإذاعة داليدا المولى وجاء فيها: نجتمعُ اليوم لنحيي ذكرى اغتيال باعثِ النهضة القومية الاجتماعية أنطون سعاده، ولإحيائنا ملحمة الفداء من هذا المكان بالذات نكهةٌ خاصة، فعلى بعدِ أمتار قليلة منه تأسس الحزب السوري القومي الاجتماعي، وفي هذه المنطقة من بيروت سكنَ سعاده، ومن بين أفئدتها انطلقَ الزعيم، وعلى أرصفتها سطّر القوميون الاجتماعيون ملاحمَ البطولةِ ودحروا الاحتلالات المتعاقبة فكانت عمليةُ الويمبي وعمليةُ كاليري سمعان والرملةِ البيضاء وعمليةُ المصيطبة وعشراتُ العمليات التي دحرت الاحتلال، وفوقَ ترابِها نُثرَت أزكى الدماء، من زعيمنا إلى الشهيد الرفيق محمود عيتاني والشهيد إيهاب كاج وعدنان المصري وكنج ماضي وعشراتِ الرفقاء الذين حَمَوا بيروت واستقرارها وحريتها ليس بالكلامِ بل بدمائِهِم على خطى معلمهم سعاده ونهجِه.
إن ذكرى اغتيال سعاده ليست محطة عابرة في التاريخ. فهي شاهد حيّ ينطق أن كيف تحيا القضايا بالدماء، وكيف يكون الفداءُ وكيف تخيب أوهامُ القتلةِ أمام إرادة الحياة.
إنّ القوميين الاجتماعيين إذ يحيون هذه المناسبة يؤكدون أن نهجَ الفداءِ الذي أرساه زعيمُهم لم ينضب، وما طلائع شهدائنا ومقاتلينا من بيروت إلى الشام وفلسطين وعلى امتداد الوطن السوري إلا شاهدٌ حيٌّ على فعل هذه النهضة وهذه الدماء في وجداننا جيلاً بعد جيل.
أما، صورية محاكمة سعاده، فسجّلت للتاريخ.. أن قضاء لإحقاق العدالة تحوّل أداة للاغتيال السياسي وأوقع جريمة بحق سعاده وحزبه ستبقى وصمةَ عار على جبين الانسانية.
ان الحزبَ السوري القومي الاجتماعي إذ يعمل بحركته اليومية على امتداد الوطن، في سبيل بعث النهضةُ ورفع مستوى الوعي للهوية القومية بهدف تمكين المجتمع من الدفاع عن مصالحه وسيادته وتوجيه السياسات العامة باتجاه تحرير الارض وصون المصالح القومية التي فيها رفع لمستوى الحياة.
إن بيروت خاصة، ولبنان عامة، يرزحان تحت أعباء اقتصادية ضاغطة وواقع تنمويّ مزر يحتمُ الإسراعَ في تشكيل الحكومة بعيداً عن السياسات الفئوية ومنطق المحاصصة التي تنتهجُها أطرافٌ تعودت ان تبنيَ مصالحَها الخاصة على حسابِ المواطنِ وآلامه.
كما أننا لا نرى حلاً لمشاكلِ لبنانَ الواقعِ على الخط ِالساحلي للوطنِ السوري إلا ضمنَ سياسات قومية واضحة عبر ربط مرافئه البحرية بالمدن الداخلية السورية ضمن خط تجاريّ واحد. وهذا يتطلبُ رفعَ مستوى التنسيق السياسي بين الدولتين اللبنانية والسورية، لوضع رؤًى مشتركة على المستوى الاقتصادي والسياسي والأمني.
ولا بد هنا من الإشارة إلى أن أحدَ أبرز الأزماتِ المتولدة من السياسات الانعزالية، هي أزمةُ النازحين والتي نعملُ اليوم على معالجتها مع القوى الحيّة والجهات الرسمية. فعودة الناس إلى قراهم وبلداتهم حق مكتسب لهم بعد تحرير أرضهم من الإرهاب خاصة أن الجهات الرسمية في بيروت ودمشق تقدّم التسهيلات اللازمة.
إننا نعمل اليوم عبر وحداتنا الحزبية المنتشرة على امتداد لبنان والشام على دعم هذه العودة ومواكبتها وتسهيلها بالتنسيق مع القوى الداعمة لهذا التوجه، ولإخراج هذا الملف من الاستثمار السياسي ومحاولات استخدامه من جهات محلية معروفة الارتباط إقليمياً ودولياً، ونقول هنا إن على الحكومتين التواصل لترتيب هذه العودة وتسهيل آلياتها لتمكين أهلنا النازحين من العودة الى منازلهم.
ومع تراجع قوى الإرهاب وبروز دور كيان العدو في التأثير والاستفادة منه، نجدد الدعوة لوضع مذكرة تفاهم سياسية تُدعى إليها القوى الحية في بيروت ودمشق وبغداد. كما ندعو لتعزيز العلاقات والعمل المشترك بين المؤسسات الرسمية في لبنان والشام عبر تفعيل معاهدة الأخوة والتعاون والتنسيق والاتفاقيات والمؤسسات المنبثقة عنها عبر المجلس الأعلى اللبناني السوري، وضمناً ملف النفط الذي يقع تحت مبدأ الأمن القومي ومنع تأثير العدو عليه من خلال تشريعات للمقاطعة باعتباره أهم منطلقات العمل التحرري في المنطقة.
إنّ العدو اليهودي، أكد عنصريته المطلقة في إعلانه قبل أيام يهودية الدولة. هذا الإعلان غير المستغرب، هو التطوّر الطبيعي لنشوء هذه الدولة المصطنعة على غير محورها الطبيعي. وقد أثبت التاريخ أن المسألة الفلسطينية هي مسألة سورية في الصميم، وأن أية قرارات دولية ويهودية وأميركية لا تعنينا، فنحن لنا كامل الأرض ولنا كامل الحق بتحريرها بكل وسيلة ممكنة. إن فجر الحرية سيبزغ قريباً من بغداد الى الشام ومن بيروت الى القدس.
أيها السوريون القوميون الاجتماعيون
إن حزبكم هو الدعامة الأساسية في بناء الدولة على أسس واضحة خارج منطق الإفادة بالقطعة، أنتم بناة المستقبل الأجود والمجتمع الأفضل، والحياة الأمثل. أنتم التعبير الحقّ عن عظمة هذه الأمة وقدرة توحّدها على تغيير تاريخ أرادَه قتلةُ سعاده إملاءات من الخارج وأردتُموه تاريخاً مستقلاً ينبضُ بسيادتكم ومشيئتكم وإرادتكم.
نعم، بإرادة الشعب السوري سطّرنا المستحيل، قاتلنا وحققنا نصراً عزيزاً واستمرينا على نهج المعلم سعاده، على نهج الفداء، استمرينا في رفضنا الاستسلام وفي ترسيخ مقاومة العدوان وطلب استقلال الأرض والنفس.
الثامن من تموز، هو نهج ترسّخ فينا وفي قبضاتنا التي ترتفع بوجه كل عدو ومستعمر. هو نهج باق في الأمة السورية من أقصاها الى أقصاها.. هو عمل مستمرّ في نفوس أبناء العقيدة القومية يؤكد لنا أن في قوميتنا حياة وفي حياتنا حياة سورية، فكونوا كما أرادكم زعيمكم “كونوا قوميين دائماً فإن المستقبل لكم”…