دراسات/مقالات

شعلة الثامن من تموز

بقلم: راسم الباشا / ناشط اجتماعي مقيم في ملبورن – أستراليا

الثامن من تموز تاريخ ذو وجهين لقضية واحدة:

الوجه الأول يجسّد صورة البطولة والفداء… والوجه الآخر يمثل النقيض تماماً… وجه العمالة والخيانة والتآمر.

الثامن من تموز ذكرى خالدة في وجدان الأمة السورية، ليس لأنها تمرّ كل سنة، بل هي معاشة في كلّ يوم وساعة ودقيقة وثانية، مغروسة في الضمائر الحيّة والقلوب النابضة بالمحبة والولاء للعقيدة الخالدة.

يا لصباحك أيها الثامن من تموز المضرّج بدماءٍ نقية طاهرة زكية…

ويا لمشاهد الخزي والعار المرتسمة على وجوه عميلة كان الأوْلى بها أن تكون وجوهاً وطنية تقود البلاد للأمن والأمان والسلامة والإطمئنان، وصوْن الوطن من كلّ غاشم غاصب، فإذا هي بؤرة للعمالة والفساد…

لا يمكن لعاقل أن يتصوّر ما حصل ويبقى على سجيّته دون أن ينتفض لهول المأساة وصارخاً في وجه الطغاة قتلة الأبرياء والفلاسفة والأدباء.

يا قتلة الأوطان ماذا صنعت أياديكم القذرة؟

كيف تجرّأتم على وأد الفكر المبدع الخلاّق في ليلة ظلماء حالكة السواد كسواد وجوهكم القبيحة؟ أما تطلعتم إلى سفالة أعمالكم؟

كيف لكم أن تغتالوا الكلمة الحرّة والنبرّة الصادقة وتنحروا الفكر النّيّر في أسرع محاكمة عرفها التاريخ ليس فيها شهود ولا من يمثل الدفاع وخالية من كلّ الأصول القانونية والشرعية كما تخلو نفوسكم من كلّ المفاهيم الإنسانية؟

جُبنكم وخوفكم أيها القتلة هو الذي ساقكم إلى فظاعة جرمكم دون وازع من ضمير أو رادع  إنساني.. لقد أصدرتم أحكامكم وتلوتم قراركم بالإعدام لتبرهنوا لأسيادكم أنّ بإمكانهم الاعتماد عليكم. ولذلك فإن التاريخ وصمكم بالخزي والعار والذلّ والهزيمة .

أيها الثامن من تموز.. يا شعلة أنارت لنا دروب الحياة بوقفة العزّ والشرف والكرامة التي ارتضاها الزعيم المعلم والقائد المؤسّس لعقيدة صلبة وراسخة في وجدان الأمة التي استشهد من أجلها. ستظلّ أصداء وقفتك تتردّد عبر العصور والأزمان زوبعة مضرّجة بعبق دمائك التي سُفِكت ظلماً وجوراً لتعصف بكلّ خائنٍ وعميل يتسلط على مقدرات شعبٍ بكامله.

أيها المعلم، استشهادك لم يسبق له مثيلاً في التاريخ القديم والحديث. به كرّست حياة أمّة وخلّدت عقيدة. ولو علم الجناة ما ستؤل إليه الأمور لما أقدموا على فعلتهم، ظنّاً منهم أنّ استشهادك سيُنهي القضية .

أخفوا معالم الجريمة في ذلك الفجر صارخين بالكاهن الشاهد أن يُنهيَ المراسم بسرعة، ولكنّ ذلك الفجر شعّ بضيائه رسالة خالدة وعقيدة ثابتة لا تُثنيها النوائب ولا تقف الأعاصير حائلاً دونها…

مَنْ غيرك أيها المعلم سيق إلى المقصلة وهو رافع الرأس شامخ القامة مبتسماً لجلاديه هازئاً بهم وشاكراً لمن نزع الحصى من تحت ركبته. هي العظمة والإباء وعزّة النفس. طلبت لقاء الوداع مع شريكة الحياة وفلذات الكبد مرات ومرات قوبلت كلها بالرفض، كانوا يهابون الكلمات التي ستودّعهم بها وتودِعها رسالة ومنارة لأجيال العقيدة، وكأنّ لسان حالك يقول: لا تحزنوا على فراقي فأنا باقٍ في وجدان الأمة، وإن متُّ فالبقاء للأمة وللعقيدة والقتلة زائلون.

ما أعظمك أيها المعلم والفيلسوف في وقفة العزّ.

وما أحقر جلاديك: بيلاطسيو العصر.

باستشهادك كانت الحياة وبدمائك النقية – وديعة الأمة – تعمّدت العقيدة وتخلّدت.

لروحك السلام في مراقد الخالدين والنصر آت تلوح بشائره في آفاق الوطن راياته خفّاقة وحناجر مدوّية مجلجلة بكلّ إيمان وعزيمة، تحيا سورية… ويحيا سعاده.

تحيا… تحيا… تحيا…

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى