قنديل: اللغة العربية غنية بعدد مفرداتها وتفاعلها مع الصوت فائض قوة لإيصال الفكرة
الطفيلي: الإعلام جبهة من جبهات الصراع مع العدو ودوره المقاوم يتمثل بالتزامه بقضايا الوطن
تواصلت في “قاعة الشهيد خالد علوان” في بيروت، محاضرات دورة الاستشهاديّة سناء محيدلي للإعداد الإعلامي التي تُنظّمها عمدة الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي وجريدة “البناء”، فقدّمت الكاتبة والإعلامية فاطمة الطفيلي محاضرة تمحورت حول مخارج الحروف وقواعد النطق والتنفس في الخطابة والحوار، وتناول رئيس تحرير البناء النائب السابق ناصر قنديل موضوع قواعد السلوك والحضور والإيتيكيت الإعلامي في إطار تطبيقيّ. وقدّمت للمحاضرين وكيل عميد الإعلام رمزا صادق.
الطفيلي
الكاتبة والإعلامية فاطمة الطفيلي أشارت في مستهل محاضرتها إلى أن “وسائل إعلامية كثيرة لا تعير اللغة أي اهتمام بحيث تتراكم الأخطاء الخارجة عن مضمون النص مما يشتت ذهن المتلقي، وأنّ بعض وسائل الإعلام تحولت إلى منابر للشحن والتجييش وقلب الحقائق وبات الإعلام الأداة الأساسية للحرب والمواجهة”.
وقالت: “إن مجالات الإعلام واسعة ومتشعبة من مرئي ومسموع ومكتوب، ووسائله متعددة، وقد أضافت اليها التكنولوجيا المزيد من المواقع والمنصات المفتوحة الآفاق. ومن هنا تكبر المسؤولية وتتعاظم، وأنتم بالذات المنتمون إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي المعروف بوطنيته وثباته التاريخي على مبادئه ورسالته ونهجه المقاوم ضد العدو المغتصب لفلسطين، تقع عليكم مسؤولية أكبر. فقواعد الإعلام وأسسه معروفة والإعلامي الناجح هو مَن يمتلك القدرة على إيصال مبادئه ورسائله ورسالته الوطنية والقومية بسلاسة وثقة ووعي، وأياً كانت أهمية المضامين التي يتناولها لن ينجح في إيصالها إذا لم يقدمها بأسلوب سلس وجذاب أساسه اللغة الصحيحة والنطق السليم والأداء الجيد والواثق، سواء أثناء تقديم خبر أو إجراء حوار أو إلقاء خطاب؛ ولكل منها أصول”.
ولفتت الطفيلي إلى ضرورة احترام المتلقي وعدم التذاكي عليه، مشيرة إلى غنى اللغة العربية، وجمالها بتعابيرها ومرادفاتها ومعانيها، وحتى بموسيقاها الكامنة في حروفها وحركاتها المسمّاة أصواتاً، فمَن يتقن قواعدها ويسبر أغوارها يضع اللبنة الأولى على طريق النجاح والتميز، تعزّزها الثقافة وسعة الاطلاع والمتابعة الدائمة والمصداقية عبر تدقيق المعلومات بالعودة إلى مصادرها، إضافة إلى حسن اختيار الألفاظ والتعابير. وإتقان الاستماع للتدخل حيث يلزم لاستيضاح فكرة ما أو لتصويب الحوار وتركيزه بأسئلة مختصرة ومباشرة، مع الحرص على عدم الإدلاء بمطالعة أو رأي خاص يتحول معه المحاور إلى ضيف وتنقلب الأدوار. وهنا تبرز سرعة البديهة في الإمساك بمفاصل الحوار وإدارته بشكل جيد. فبراعة المُحاور تكمن في التدخل بأسئلته الواضحة والمباشرة دون أن يقطع فكرة أو معلومة هامة يطرحها الضيف. أكثر ما يزعج المتلقي كما الضيف هو قطع فكرة يطرحها الضيف قبل نهايتها، واستعراض العضلات الذي يبطن استعلاء واستخفافاً ينفّر الضيف والمتلقي”.
وأشارت الطفيلي إلى ضرورة وضع هدف واضح للحوار وحسن اختيار الضيف، لافتة إلى أن الحوار يتطلب نبرة صوت هادئة ورزينة بعيدة عن الحدة والعدائية أو السخرية والتهكم.
وتحدّثت الطفيلي عن الحدث الأبرز في كفرشوبا وكيفية تعاطي وسائل الإعلام معه مشيرة إلى استمرار الزميل علي شعيب في مواكبة تحرّك الأهالي وتصديهم للاعتداءات “الاسرائيلية” رغم إصابته التي رآها الجميع مباشرة على الهواء مؤكدة أن المصداقية التي تحترم القضايا الوطنية وعقل المتلقي هكذا تكون.
أما في ما يتصل بالخطابة فقالت: “الخطابة لها شأن آخر من حيث الأداء ونبرة الصوت وتلاوينه والإطلالة الواثقة، وهنا لا تنفع المبالغة في الهدوء كما لا ينفع الانفعال المنفر بالصراخ وفقدان السيطرة على الذات. والخطيب البارع هو الواثق الذي يجذب الانتباه منذ الإطلالة الأولى، فإما أن تتابعه باهتمام أو تصرف النظر عنه”.
وشدّدت على صحة النطق، فقالت: “إتقان اللغة يعني النطق الصحيح للأحرف وحركاتها، الفواصل وعلامات الوقف، كيفية التنفس التي تحدّدها علامات الوقف المرتبطة بالمعنى المراد إيصاله، هو المصطلح المتعارف عليه أصولاً بالتقطيع الذي يريح المتحدّث والمتلقي ويوصل الفكرة بشكل واضح. عندما تقرأ عليك أن تفهم أنت أولاً ما تقوله، فلا قطع في موضع الوصل، ولا وصل في موضع الفصل وإلا شوّهت المعنى وقطعت التواصل مع المتلقي. والأهم أن تتقن التعامل مع الحركات، الرفع والنصب والجر والتسكين الذي يصبح نافراً إذا وقع في غير مكانه، فيما هو ضروري في أواخر الجمل”.
ورأت الطفيلي أن من يريد مخاطبة الأخرين سواء من موقعه كمحاور أو كخطيب يجب أن يمتلك الثقة بالنفس وثبات الصوت بعيداً على الارتباك والارتجاف.
وعدّدت أبرز قواعد اللغة العربية بدءًا بعلامات الوقف وهمزة الوصل وهمزة القطع وموقع ان في الجملة، متى تكسر همزتها ومتى تُفتح ولا سيما بعد فعل الأسماء الموصولة وأسماء الإشارة وأدوات الربط الكثيرة التي تغني عن التكرار المملّ، وظرف المكان وظرف الزمان، والأفعال الناقصة كان وأخواتها، الأحرف المشبهة بالفعل أن وأخواتها، والممنوع من الصرف والأفعال الخمسة والأسماء الخمسة وموقعها في الجملة، ولفظ الجلالة متى يضخّم ومتى يخفّف، الإدغام حيث أمكن مما يعزز جمالية النص، وصولاً إلى الأعداد وأحكامها وطريقة قراءاتها بالحروف (..) والى الحروف الشمسية والقمرية.
وختمت: “ينبغي على كل إعلامي إتقان هذه القواعد أو الإلمام بها على الأقل لأنه بذلك يمتلك اللغة السليمة كأداة تعبير أساسية، وإلا سيتحول إلى رقم يُضاف إلى قافلة من العاملين في الإعلام ممن يشوّهون اللغة وينسفون قواعدها، أو الاستعانة بمتخصص أو مدقق لغوي لتشكيل نصّه لأن التشكيل هو الأساس”.
قنديل
رئيس تحرير جريدة “البناء” النائب السابق ناصر قنديل اعتبر أنّ: “اللغة هي الثوب التي نُلبسها للفكرة وتكون الأذن هي الحكم بمعنى أن الأسلوب في التعبير يشكل عامل جذب، لكن هذا لا يتطلّب من الإعلامي أن يكون “سيبويه” إنما عليه إيجاد مخارج تجنبه الوقوع في الخطأ”.
وأردف: “إتقان اللغة العربية يتطلب منا الجهد لكن في حال حققنا ذلك تصبح الأمور أسهل، وإن لم ندرك كافة قواعدها يمكننا الاعتماد على السمع بحيث نسمع الأحرف حين ننطقها كمن يستمع إلى إيقاع موسيقي”.
وتناول قنديل المرادفات، لافتاً إلى أن اللغة العربية غنية بعدد مفرداتها وتتفوق على باقي اللغات بهذه الخصوصية مما يجعل المتحدّث يصيب المعنى بدقة: “غنى اللغة العربية لجهة المرادفات تفيد الاعلامي لإيصال فكرته شرط أن يستعمل الكلمات الأكثر شيوعاً والأسهل نطقاً وسمعاً، وبالتالي يكون المعنى واضحاً ودقيقاً وبصوت واثق ونطق صحيح. حين نتمرّن على كيفية نطق كل حرف ونعرف من أين يخرج فنحن نمرن العضلات لنصل إلى الفخامة الصوتية المطلوبة”.
وأردف: “الصوت عبارة عن ذبذبات قادرة على اختراق العقل وحين تفعل ذلك بطريقة جذابة تصبح أداة إقناع. إن تفاعل الصوت مع اللغة فائض قوة للتواصل الجيد والجدي الذي يساهم في تسويق الفكرة، ولغتنا هي التعبير عن هويتنا لذلك يجب أن نتمسك بها ونحافظ عليها، وهذا الأمر يبدأ من خلال التربية ومنذ الصغر”.
إلى ذلك، أشرف قنديل على لقاءات حوارية بين المشاركين ضمن إطار تطبيقي يحاكي الحوار المتلفز حول مواضيع سياسية وإجتماعية آنية.
13/6/2023 عمدة الإعلام