
الكاتب والأديب الياس عشي:
أيها الصغار… اذكروا سناء محيدلي
في التاسع من نيسان من عام ألف وتسعمئة وخمسة وثمانين، خرجت من مشاتل التبغ في الجنوب صبيّة…
صبيّة أجملُ من كلّ مشاتل الوردْ،
على كتفيها ينسدل شعر أسودُ كليْلِ بلادي،
في عينيها بريقُ الزمن الآتي،
وعلى وجهها ابتسامة لا تعرفها إلّا ذاكرةُ الترابْ والليمونْ، والنوارسْ،
وفي قلبها حبٌّ كبير لأمّة علّمتها بأنّا «فينا قوة لو فعلت لغيّرت مجرى التاريخ»،
إنها… سناء محيدلي.
*****
خرجت «سناء» من مشاتل التبغ، وركبت سيارة مفخّخة، وانفجرت في قافلة من اليهود،
فقتلتْ، وجرحتْ، وأربكت العدوّ،
ثم انتقلت بصمت وكبرياء لتستقرَّ في ذاكرة الوطن إلى الأبد.
*****
«سناء»، يا أطفال بلادي…
لم تحلم، كما الصبايا، بليلة عرسها،
ولم تحلم بفستان جميل، وشاب يحمل إليها في عيد ميلادها، هديّة،
كان لسناء، أيها الصغار الطيبون، حلمٌ واحد
أن تطرد اليهود من بلادها…
وفعلت.
وأمنية واحدة
أن تعيد إلينا وقفات العزّ…
وفعلت.
*****
رحيل سناء لغة
لم تعرفها من قبلُ أجسادُ الصبايا…
سناء لبست عباءة
من ريش العصافيرْ
ورحلتْ في المستقبلْ
*****
وحدها سناءْ
تسكن في ذاكرة الأشياء الجميلهْ:
الوردْ
العصافيرْ
شقائقْ النعمانْ
والأطفالْ
*****
بعد مئة عامْ
بعد ألفٍ
وحدها الأشجارْ
تمشي على رؤوس أصابعها
تستقبلُ سناءْ
ومعها كلّ أطفال الجليلْ.
*****
سناء كتبت لحظة رحيلها:
فلسطين عائدهْ…
نبوءة سناءْ
وشمٌ في الذاكرهْ