«في الأول من آذار نتوقف عند مولد باعث النهضة في سبيل عزّ الأمة ومجتمعها الواحد القوي المحصّن»
«القومي»: فلسطين بوصلة النضال وجوهر القضية… ومفاعيل انتصار سورية على امتداد الأمة
نريد لبنان نطاق ضمان للفكر الحر… وهذا يتحقق بتطبيق الدستور وإلغاء الطائفية وبناء دولة المواطنة
بمناسبة الأول من آذار عيد مولد باعث النهضة السورية القومية الاجتماعية أنطون سعاده، أصدر الحزب السوري القومي الاجتماعي البيان التالي:
في الأول من آذار 1904، قبل مائة وخمسة عشر عاماً، ولد أنطون سعاده في بلدة الشوير، وما أن أصبح فتياً حتى سكنه الانتماء إلى الأرض، وكانت أولى الإشارات التي تنبئ بقوة انتمائه وقدوته، حين تسلق، وهو في سن الثالثة عشرة، سارية مدرسته في برمانا نازعاً علم الاستعمار التركي، ومن ثم مسيرة حافلة بالنضال السياسي والفكري والأدبي، وصولاً إلى تأسيسه الحزب السوري القومي الاجتماعي عام 1932.
أنطون سعاده أراد لشعبه أن يحيا بعزّ وكرامة
وفرادة أنطون سعاده أنه لم يؤسّس حزباً بالمعنى الاعتيادي، بل أسّس حزباً عقائدياً، مبادئه واضحه وغايته جلية، ترمي إلى بعث نهضة سورية قومية اجتماعية تعيد إلى الأمة حيويتها وقوّتها، ولتثبيت سيادتها وإقامة نظام جديد يؤمّن مصالحها ويرفع مستوى حياتها.
أراد أنطون سعاده لشعبه أن يحيا بعزّ وكرامة على قواعد الاستقلال والحرية والكرامة في مجتمع واحد قوي ومحصّن على قاعدة وحدة الحياة، مجتمع قادر على مواجهة الويل الذي حلّ ببلادنا من جراء مخططات الاستعمار ومطامعه في بلادنا، ومحاولاته لتجهيل تاريخنا وطمس حضارتنا.
إحياء مولد الزعيم أنطون سعاده تأكيد على صحة المبادئ
ولذلك، فإنّ إحياء مولد الزعيم أنطون سعاده في الأول من أذار كلّ عام، إنما هو تأكيد على صحة المبادئ التي وضعها، والقيم التي عززّها، والخيارات التي رسّخها في سبيل عزّ الأمة وانتصارها وفلاحها.
«صفقة القرن» لن تثني شعبنا عن خيار مقاومة الاحتلال
أولاً: يؤكد الحزب أنّ فلسطين هي بوصلة النضال القومي، وجوهر القضية القومية، وانطلاقاً من هذا الثابت ندين كلّ التسويات والصفقات واتفاقات الإذعان وعلاقات التطبيع، ونؤكد على حق شعبنا المشروع في مقاومة الاحتلال اليهودي حتى تحرير فلسطين كلّ فلسطين.
ويرى الحزب، أنّ مخطط تصفية المسألة الفلسطينية تحت مسمّى «صفقة القرن»، والذي ترعاه الولايات المتحدة الأميركية، بتواطؤ مكشوف من بعض الأنظمة العربية المطبّعة مع كيان الاغتصاب الصهيوني، لن يثني شعبنا عن خيار مقاومة الاحتلال، فشعلة المقاومة ستظلّ متقدة، حتى زوال الاحتلال اليهودي عن كلّ أرضنا.
ومن موقع الالتزام بالمسألة الفلسطينية، نجدّد رفضنا وإدانتنا لـ «صفقة القرن» التي هي بمثابة «وعد بلفور» جديد، ولذلك، ندعو إلى حشد كلّ الطاقات لمواجهة هذه الصفقة التي تضفي شرعية مزعومة على عمليات الاستيطان والتهويد والقتل التي يقوم بها كيان العدو اليهودي.
كما نجدّد التأكيد على أنّ وحدة القوى والفصائل الفلسطينية على أساس برنامج نضالي مقاوم، خطوة ملحة وضرورية يلتفّ حولها أبناء شعبنا لمواصلة نضاله ضدّ الاحتلال العنصري.
إنّ من شأن وحدة الموقف الفلسطيني، وتأطير جهود كلّ القوى والفصائل، تعزيز خيار المقاومة، وهذا الموقف ضرورة ليس بوجه العدو وحسب، بل بوجه أنظمة التطبيع العربية التي تتآمر على فلسطين. لأنه عندما يتوحّد الفلسطينيون على قرار، فإنّ الشعوب العربية ستتحرك بوجه أنظمتها المطبّعة مع العدو.
الانتصار السوري رسم معادلات جديدة
ثانياً: يؤكد الحزب أنّ الحرب الكونية الإرهابية التي استهدفت سورية منذ العام 2011، هي من أخطر الحروب وأشدّها قساوة، فقد اجتمع ضدّ سورية في هذه الحرب نحو مائة دولة، بقدرات هائلة وأموال ضخمة وامبراطوريات إعلامية ناهيك عن مئات التنظيمات الإرهابية المتعددة الجنسيات، وكلها صبّت في اتجاه واحد وهو إسقاط الدولة السورية، قراراً وموقعاً… ولهذا فإنّ صمود سورية رئيساً وقيادة وجيشاً وشعباً، إنما هو صمود أسطوري، والانتصار السوري في هذه الحرب، غير مسبوق في التاريخ. لأنه رسم معادلات جديدة، ليس على صعيد بلادنا والعالم العربي وحسب، بل على صعيد العالم بأسره. والحرب التي شنّت لإسقاط سورية، ارتدّت سقوطاً للنظام الدولي الأحادي القطبية. وهذه حقيقة ثابتة وراسخة. فحلفاء سورية الذين وقفوا معها روسيا الاتحادية وإيران وحلفاؤهما هم الأكثر تأثيراً على المسرح الدولي. وحين تضع الحرب على سورية أوزارها بشكل تامّ، سيتفاجأ العالم بحجم الانتصار الذي حققته ومفاعليه، خصوصاً إزاء المسألة الفلسطينية التي وقفت الشام رأس حربة في مواجهة المخططات التي تستهدف تصفيتها ودعمت مقاومتها، وما الحرب على سورية إلا لموقفها الثابت تجاه فلسطين. بدليل أنّ الأنظمة العربية التي اشتركت في الحرب على سورية، وموّلت الإرهاب، هي ذاتها الأنظمة المطبّعة مع العدو وتشترك في صفقة القرن.
التضحيات والدماء هي التي تتحكم برسم عناوين المستقبل
إنّ ما حققته سورية من انتصار مدوّ على الإرهاب ورعاته، إنما تحقق بالثبات والصمود والشجاعة، وببطولات وتضحيات الجيش السوري والقوى الحليفة والرديفة وفي مقدّمهم القوميون الاجتماعيون في نسور الزوبعة وبدماء الشهداء سجلت على أرض الشام ملحمة الفداء القومي.
إنّ التضحيات والدماء التي بذلت، هي التي تتحكّم برسم عناوين المستقبل، ولا تستطيع قوة في العالم مهما بلغت من الجبروت والغطرسة أن تفرض مشيئتها على السوريين. فالسوريون وحدهم أصحاب القرار في صناعة مستقبل بلدهم، وصياغة دستور هذا البلد وقوانينه وتثبيت دعائم سيادته على كلّ الأرض السورية.
وعليه، فإنّ الولايات المتحدة الاميركية التي رعت الإرهاب بذريعة مكافحة الإرهاب، تتخبّط في مواقفها، بين سحب جنودها أو الإبقاء على بضع مئات، لكنها في حقيقة الأمر فشلت في تحقيق أهدافها، ولن يكون لها موطئ قدم في سورية.
تركيا فشلت.. ومقرّرات شرم الشيخ منفصلة عن الواقع
أما تركيا، فهي الأخرى فشلت في تحقيق أهدافها، والهدف التركي الأساس ليس إقامة ما يسمّى المنطقة الآمنة وحسب، بل بتمكين الاخوان المسلمين بكلّ منظماتهم الإرهابية من الحصول على شرعية سورية، وهذا ما جهد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لتحقيقه من خلال مسرحياته التي تزعم الوقوف إلى جانب الشعب السوري، كما مثل على الفلسطينيين في مؤتمر «دافوس» قبل عقد ونيّف من الزمن.
وبناء على ثابت الصمود الأسطوري، وإلحاق الهزيمة بالإرهاب وإفشال مخططات رعاة الإرهاب، نؤكد أنّ محاولات بعض الدول لفرض الشروط على سورية، هي تهيّؤات ليس إلاً، وهذا هو حال مقرّرات القمة الأوروبية ـ العربية المشتركة التي انعقدت مؤخراً في شرم الشيخ، والتي يصحّ فيها القول بأنها مقرّرات منفصلة عن الواقع.
إننا اذ نشدّد على أهمية الانتصار الذي تحقق في سورية، نؤكد بأنّ مفاعيل هذا الانتصار لصالح قضيتنا على امتداد أمتنا السورية.
الإنتصار الذي تحقق في العراق يأتي مكملاً للانتصار في الشام
ثالثاً: يرى الحزب أنّ الانتصار الذي حققه أبناء بلاد الرافدين على قوى الإرهاب والتطرف من خلال تضافر الجهود بين الجيش الوطني والحشد الشعبي يأتي مكمّلاً للإنتصار الذي تحقق في الشام، فالمخطط واحد والجهات المموّلة والراعية للتنظيمات الإرهابية في العراق وسورية واحدة، كما أنّ هدفها واحد يرمي إلى تقسيم كيانات أمتنا المقسمة إلى دويلات متناحرة طائفياً ومذهبياً.
إنّ تحقيق الوحدة في العراق وتحصينها هي العلاج الناجع للخروج من كلّ الإصطفافات والمشاريع التقسيمية والتفتيتية، ومن هنا ندعو أبناء شعبنا في العراق الى الإلتفاف حول مشروع الدولة الذي يضمن للجميع حقوقهم على أساس المواطنة وليس على أساس الإنتماء والولاءات المذهبية والطائفية والاتنية.
إنّ الحفاظ على ثروات العراق الطبيعية يعتبر أولوية يجب أن تشكل القاسم المشترك بين العراقيين، من أجل وضع حدّ لكلّ مشاريع الغرب الهادفة الى سلب العراقيين مقدرات بلادهم وثرواتها، مقابل مكاسب سياسية لبعض الجهات، وهذا ما يستدعي من العراقيين الوقوف صفاً واحداً لمواجهة المطامع الأجنبية في بلادهم وثرواتهم.
قيام دولة المواطنة اللاطائفية في لبنان يتطلب حلولاً جذرية
رابعاً: في هذه المناسبة، يؤكد الحزب السوري القومي الاجتماعي، أنّ لبنان الذي أراده سعاده «نطاق ضمان للفكر الحر»، ونوراً يشعّ في محيطه، يتخبّط في أزماته البنيوية على كافة الصعد، والسبب الرئيس لاستفحال هذه الأزمات هو النظام الطائفي المقفل الذي يوصد الأبواب بوجه أيّ إصلاح حقيقي أو تغيير جذري، وما نشهده من حديث عن خطوات إصلاحية، هو مجرد مسكّنات لتخدير الناس، لأنّ الإنقاذ الفعلي للبنان من أزماته مقرون بقيام دولة مدنية ديمقراطية عادلة وقوية، على أنقاض النظام الطائفي المقيت.
انّ قيام دولة المواطنة اللاطائفية في لبنان، لا يتمّ عن طريق خطوات ترقيعية كما هو حاصل في التعامل مع مجمل المشاكل والملفات، بل يتطلب حلولاً جذرية، نراها متعذرة ما دام هذا النظام الطائفي في نطاقه المقفل، يشكل عائقاً أمام تحقيق الإصلاحات التي نصّ عليها اتفاق الطائف الذي هو دستور لبنان.
الوصول إلى دولة مدنية علمانية يتطلب قانوناً جديداً للانتخابات
ورغم قدرة هذا النظام الطائفي على إعادة إنتاج نفسه على ذات النهج وبذات العقلية التي حكمت تأسيسه في مطالع القرن الفائت، فإننا مصمّمون على مواصلة النضال السياسي حتى الوصول الى مرحلة ننقذ فيها لبنان من أسر نظامه الطائفي، ونحرّر اللبنانيين من الصفة المفروضة عليهم باعتبارهم رعايا طوائف ومذاهب، ليكونوا مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات.
وعليه، نؤكد بأنّ الوصول إلى دولة مدنية علمانية، يتطلب قانوناً جديداً للانتخابات النيابية يقوم على ركائز ثلاثة: لبنان دائرة واحدة، النسبية، والانتخاب خارج القيد الطائفي. فلقد جرّب اللبنانيون القانون الأكثري وما انتج من مساوئ، كما جرّبوا القانون الحالي الذي ولد من رحم القانون الأكثري، وأدركوا في ظله أنهم انتقلوا «من تحت الدلفة الى تحت المزراب»، وقد ظهرت مساوئ هذا القانون بدوائره الطائفية والمذهبية التي هي عامل تفتيت لا عامل توحيد.
كما أنّ الوصول إلى دولة بلا فساد، يتطلب تشريعات عصرية وفي مقدّمها قانون اختياري للأحوال الشخصية، يضمن حرية المعتقد، والتحرّر من أسر الطوائف والمذاهب وأحكامها. وسنّ قوانين جديدة، بلا ثغرات ينفد منها المرتكبون والفاسدون.
المطلوب مواجهة الخصخصة والتأكيد على دور الدولة الرعائي
إنّ المال المنهوب من الدولة قد نهب، واسترداده عملية صعبة ومعقدة في ظلّ هذا النظام الطائفي وما يفرزه من اصطفافات، ولذلك نؤكد بأنّ الحلّ هو ببناء دولة القانون وبسنّ قوانين المساءلة والمحاسبة، وبمجالس وهيئات رقابية تتحمّل مسؤولياتها في ملاحقة مزاريب الهدر والسمسرات والتلزيمات بالتراضي.
والوصول الى دولة الرعاية، هو عن طريق سياسات اقتصادية وإنتاجية عامة ومجدية، لا عن طريق خصصة المؤسسات العامة التي تدرّ ارباحاً على الدولة. إنّ الخصصة وصفة خطيرة تحوّل البلد كله، إلى ملكيات خاصة للشركات وأصحاب رؤوس الأموال، على حساب مصالح عامة الناس. والمطلوب مواجهة الخصخصة، والتأكيد على دور الدولة الرعائي في كلّ المجالات.
إنّ المعالجات الحقيقية، التي تقطع دابر الفساد، وتحلّ أزمات الكهرباء والطرقات ووالنفايات وتلوث الأنهار، والأوضاع المعيشية والاقتصادية المتردية، وواقع الاستشفاء والمدرسة الرسمية، والضرائب التي تثقل كاهل الناس، كلّ ذلك يتمّ عن طريق تطبيق مندرجات الدستور، لا سيما إلغاء الطائفية، كخطوة أولى على طريق ترسيخ ثقافة المواطنة.
نصوص الدستور تؤكد على العلاقات المميّزة بين لبنان والشام
كما أنّ تطبيق الدستور، يشكل منطلقاً لحلّ معظم الأزمات التي ينوء لبنان تحت وطأتها، وإذا كانت القوى اللبنانية تجمع على أنّ ملف النزوح السوري يشكل عبئاً اقتصادياً على لبنان، فعلى كلّ هذه القوى أن تترجم الأقوال الى أفعال، وأن تلتزم نصوص الدستور التي تؤكد على العلاقات المميّزة بين لبنان والشام، لأنّ عودة النازحين السوريين إلى بيوتهم وقراهم، يحتاج فقط الى تنسيق خطوات العودة بين الحكومتين.
لقد آن الأوان لخروج البعض من عقده، فإذا كانت مصلحة لبنان واللبنانيين لها الأولوية، فيجدر بالجميع تسهيل القيام بالخطوات المطلوبة، لا الإذعان لضغوط الدول التي شاركت في الحرب الكونية الإرهابية ضدّ سورية، ولا تزال تبقي على ورقة النازحين والاستثمار في معاناتهم الإنسانية وأوضاعهم الصعبة.
وآن الأوان لخروج البعض من عقد الضعف والحياد، فلبنان الذي انتصر بمقاومته على العدو اليهودي، يتمتع بكلّ عناصر القوة وقد كرّس معادلة الجيش والشعب والمقاومة، والمطلوب تثبيت هذه المعادلة والتمسك بعناصر القوة من أجل تحرير ما تبقى محتلاً من أرض لبنانية.