اكتب في الثامن من تموز من الأردن الذي تمّ فيه الردّ على جريمة اغتيال أنطون سعاده، وفي الأردن عُيّن ابن منطقة الشوف ـ لبنان رشيد طليع أوّل رئيس وزراء عند تشكيل الإمارة الأردنيّة عام 1921، عندما لم يكن فيروس الكيانية والطائفية قد نجح في التسلّل إلى أمّتنا .
إنّ إحياء ذكرى الثامن من تمّوز، هو تأكيد على معنى الشهادة في سبيل قضية، والتزام بنهج الفداء والتضحية الذي اختطه أنطون سعاده، وبالعقيدة التي توهّجت حتى أصبحت في نظر الغالبية من أبناء شعبنا هي الخلاص من الاحتلال والاستعمار والتجزئة والطائفية والمذهبية والعرقية والقبلية. حتى أنّ النخب في بلادنا، على اختلاف تياراتها الفكرية والسياسية باتت على قناعة تامة أن لا خلاص لأمتنا إلا بالفكر السوري القومي الاجتماعي، فالفكرة الحيّة لا بدّ أن تنتصر، خصوصاً عندما تكون هي الجواب على التحديات في المراحل التاريخية المفصلية.
إنّ ما تشهده أمتنا من أزمات متواصلة، ولّد لدى غالبية المفكرين والمثقفين وعموم شعبنا قناعة راسخة بأن فكر سعاده هو ضرورة موضوعيّة ومنطقية وطريق الخلاص الذي يوصلنا إلى حتمية الانتصار. كيف لا، وأنطون سعاده هو الذي استشرف المخاطر والتحديات، وصاغ رؤية واضحة، وخطة نظاميّة للمواجهة، مواجهة الخطر الصهيونيّ المحدق بفلسطين والأمة، ومواجهة كل خطر مماثل، خطر الحركة الوهابية التي حذّر منها، والخطر التركيّ الذي اعتبره موازياً للخطر الصهيوني.
ذكرى الثامن من تمّوز، هي منصّة نجدد من خلالها العهد لزعيمنا وباعث نهضتنا، بأننا مستمرون في خوض معركة الوصول إلى الشعب، وماضون في مسيرة الصراع ضد عدونا الوجودي، وأنه مهما كانت التحديات كبيرة والأخطار مستفحلة، فإنها تصغر وتضعف أمام إرادة الأحرار المصمّمة على بلوغ ما نصبو إليه.
إن إيماننا بقضيتنا، يحتم علينا القيام بدور أفعل وتوسيع مساحة الفعل المقاوم على المستويات كافة في مواجهة المؤامرات المستمرّة على أمتنا، منذ مؤامرة اغتيال سعاده وحتى اليوم.
وعليه، فإننا ماضون في الصراع، نخوض حرباً لا هوادة فيها على أرض الشام ضدّ قوى الإرهاب والتطرّف، يهود الداخل المدعومين من العدو اليهوديّ والقوى الاستعمارية الدولية والإقليمية وأدواتها العربية. وها هم القوميّون الاجتماعيّون في الشام، نسور الزوبعة الأبطال خير مثال، يواجهون الإرهاب، يبذلون الدماء دفاعاً عن أرضنا وشعبنا، يستشهدون لأنهم أحبّوا الموت طريقاً للحياة، يهتفون بحياة سورية وسعاده، وهم إضافة إلى البطولات، يقدّمون نموذجاً راقياً في التعامل مع الناس، فيعكسون المناقبية القومية الاجتماعية.
إن عَظَمة سعاده في تأسيس الحزب الذي يناضل من اجل انتصار قضيته وتتمثل بالعمل من أجل وحدة الأمة ومجدها، وقد انتشر الحزب في كلّ كيانات الأمة ومختلف دول العالم، فهو الحزب الذي لا يغيب عنه الضوء لانتشار أعضائه في كل بقاع الأرض، حزب ثابت على مواقفه وخياراته، يقاوم ويناضل من أجل انتصار قضيته، يحمل مشروعاً قومياً لوحدة الأمة والشعب، في وجه مشاريع التفتيت والتقسيم والفدرلة.
من وحي الفداء المتمثل باستشهاد سعاده.. عازمون على مواجهة كل مخططات الأعداء. ومثلما تمّ إسقاط اتفاق 17 أيار الخياني الذي أرادوا من خلاله أسرلة لبنان، تم إسقاط مشروع “الشرق الأوسط الجديد”، ومشروع الإرهاب الذي استهدف الشام والعراق، وحكماً سيسقط قانون قيصر الإرهابي وصفقة القرن المشؤومة، وكل المشاريع المعادية.
إنّ القوة التي فينا قادرة على هزيمة كلّ المشاريع والمخططات والمؤامرات، وبهذه القوة سنغيّر مجرى التاريخ وسنحصّن مجتمعنا، ونحوّله مجتمع مواجهة ضدّ الاحتلال والإرهاب.
أنطون سعاده أسّس حزباً مقاوماً، وهو الذي أكد بأن “القوة هي القول الفصل في إثبات الحق القومي أو إنكاره”.. مؤسسات لها ببناء الإنسان الجديد، والجماعة المؤمنة الواعية المدركة القوية، لكي نكون أقوياء ويسير بنا الى النصر.