كتب رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان افتتاحية جريدة “البناء” بمناسبة عيد المقاومة والتحرير، بعنوان: “التحرير … مسارٌ وانتصار” وجاء فيها:
يتّشح عيد التحرير بوشاح الإستقلال الأكبر، المُرصّع بالمسار الوطنيّ الأنبل. فالتحرير لم يأتِ صدفةً ولم تُنجزه مفاوضات أو مساومات، بل أنْجَزَته دماءٌ وبطولاتٌ وتضحيات، أنجزه أسرى وجرحى ومعتقلون، وشَرّفتْه أمهاتٌ معطاءاتٌ صبورات، وعمَّده شهداء المقاومة الأبرار بِلَونِ العطاء الكامل الذي هو أصْدَقُ الألوان.
عشرون عاماً والعيدُ يُزهر ثقةً وقوةً ومهابة. لكنّ العدوّ الذي لا يؤمَن جانبه يزداد مكراً وخشيةً واعتصاماً وراء الجدران مع استمرار الإعتداءات الخبيثة على لبنان جواً وبحراً وبراً. فهُنا يقطع شجرة، وهناك يخطف مُزارعاً أو راعي أغنام، وهنالك يهرب من المواجهة التي كان يحلم بها نزهةً فإذا هي عرقوبُ مقاومين. لكن لبنان، كدولة، مدعوّ إلى رفض التعامل النمطي مع إعتداءات العدوّ المتواصلة، بل إلى إثارة أي اعتداء مهما كان حجمه مع منظمة الأمم المتحدة، وإلى ملاحقة كل شكوى حتى لا يكون مصيرها التسويف والتسخيف، بل أن تنتج عنها الإدانة الواضحة مع إجراءات رادعةٍ وحاسمة.
لقد أثبتَ جنوب لبنان أنه معقل كرامةٍ وعنفوان، وأن أهله لا يرضون بأقل من إنجاز التحرير مهما غَلَت التضحيات. وها هم بعد أن تَحَرّرَ معظم الجنوب الطاهر يتطلعون إلى مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وإلى كل حبة من تراب الجنوب الذي ما زال العدوّ “الإسرائيلي” يكابر في الإنسحاب منه، كما يكابر في الإعتراف باحتلاله العدوانيّ الحربيّ لأرض لفلسطين الحبيبة ومقدّساتها، ولمرتفعات الجولان الأبيّ ومصادرة ثرواتهما الطبيعية الغالية. وإذا كان لبنان يحتفل في أيار من كل عام بتحرير أرضه بعد اندحار المحتل منها عام 2000، فإن احتفاله واعتزازه مشدودان إلى مسيرة المقاومة الأوسع للإحتلال منذ النصف الأول من القرن الماضي بدءاً بفلسطين، ومروراً بالدور المحوري الذي اضطلعت به سورية الصمود، سورية الممانعة، وسورية الرؤية القومية الإستراتيجية.
إنّ الدرس البليغ الذي أعطاه إنجاز التحرير يُهيب بجميع اللبنانيين أن يلتفوا حول النهج المقاوم باعتباره الإستثمار الوطني الطبيعي في عوامل القوة الداخلية، وفي كون الخط المقاوم مصلحة وطنية موضوعية تُحَتّم على المواطنين والمسؤولين أياً تكن مواقعهم السياسية أن يجعلوا التكاتف أولوية عليا تتقدم على الإصطفافات والفئويات والمزايدات. فالمعادلة الثلاثية الوطنية قد أثبتت فِعلها وصحتها ومصداقيتها. والأوطان لا تبنيها المشاكسات بل الوحدة الوطنية التي لا ينسج خيوطها إلا الوحدويون، بالممارسة قبل الشعار، وبالعطاء قبل الأخذ، وبالحرص على تطبيق القانون في شأّن العملاء لا بالجنوح إلى هتك القانون تبييضاً لصفحتهم.
في عيد التحرير نحيّي الشهداء، جميع الشهداء الذين صنعوا عِزّ التحرير، وكان دمُهم السّكيب الغذاءَ الذي الذي ارتفعتْ على لَهَبه أعلامُ النصر وراياتُ الكرامة. في هذا العيد نجدد مع شعبنا العهد على أن لا نقبل إلا حياة الأحرار ونبضَ الأحرار، وأن لا نرضى إلّا القمم مكاناً لنا تحت الشمس.