
الاعلامية عبير حمدان:
نهج فداء وبطولة تشعّ عقيدة حياة لا تموت
أربعون عاماً ولم تزل تشع ربيعاً مشرقاً بالعزّ، ولم يزل تراب الجنوب يزفها عروساً إلى أبعد مدى.. هناك حيث تسمو الأرض سناءً لا يشبه إلا وجه الحياة، كما يجب أن تدركها الأجيال التي تشرّبت مفاهيم البطولة من نهج الإباء والفكر الحرّ الذي لا يكسره فعل الاحتلال والعدوان بل يزيده رسوخاً في العقول والقلوب.
أربعون عاماً من عمر البطولة التي عبّدت الدرب نحو التحرير وكسرت القيد ونزعت الأسلاك الشائكة بعقيدة راسخة لا يزيلها العدوان مهما تصاعدت وحشيّته وهمجيّته، عقيدة تتخطّى التقسيمات التي يحاول المستعمر تكريسها مؤكدة وحدة وعزيمة أبناء النهضة القوميّة الاجتماعيّة للأمة القويّة.
سناء الشهيدة هي رياح الحق العاتية في بلادنا ورائحة الطيّون وعبق حقول الزيتون التي يحاول المحتل اقتلاعها وحرقها، لكنها تنبعث من تحت الرماد أكثر تجذراً وصلابة..
سناء هي الفكر الذي لا يذوي والفعل الذي لا يتوقف والروح التي تحثنا على مواجهة التهويل والترهيب والسعي المشبوه لفرض سياسة التطبيع ولو ضمن إطار افتراضيّ..
في زمن الاستسهال وتعميم ثقافة الخنوع والخذلان تحيا ذكرى سناء وكل الشهداء لتؤكد ضرورة التمسك بالمقاومة في وجه المشاريع الاستعماريّة التي يسعى أصحابها للاستيلاء على خيرات بلادنا من خلال حروبهم المتنقلة في مختلف الساحات، وهذه الحروب لا تقتصر فقط على الجانب العسكري إنما تتخذ أشكالاً ثقافية واجتماعية بهدف تغيير المفاهيم والقيم الإنسانيّة لمجتمعاتنا…
في زمن القتل الممنهج يزداد تمسكنا بخيط النور الذي سيّجت به سناء طريقها نحو الحياة، ففي استشهادها حياة تشبه أنهار البلاد وأشجارها التي تموت وقوفاً، حياة تشبه المطر والبحر والقلاع والبيوت التي بُنيت قبل زرع الاستعمار للكيان الغاصب في منطقتنا.. حياة تشبه حقول الأقحوان والتين والتبغ وخير القرى ومواقدها التي تحيل العدو حطباً.
لسناء ذكراها التي ترافق أيامنا ولا تقف عند تاريخ محدّد ذات نيسان، وكل الأيام نيسان وتموز وأيلول وتواريخ متعمّدة بطهر الدماء من البحر إلى النهر وعلى امتداد خيوط الشمس من بيروت والجنوب والبقاع والشمال وصولاً إلى فلسطين كل فلسطين.